الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ } كلام منقطع عن سابقه وقد مضى فى سورة النّساء وجه الجمع بين توفّى الله وتوفّى ملائكته ورسله وتوفّى ملك الموت { حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ } عطف على الانفس من قبيل عطف العامّ على الخاصّ وقوله { فِي مَنَامِـهَا } متعلّق بلم تمت يعنى انّ للانسان نفساً حيوانيّةً ونفساً عقلانيّةً والله يتوفّى جميع الانفس حين الموت ويتوفّى ايضاً حين الموت الانفس الحيوانيّة الّتى لم تكن تخرج من الابدان حين النّوم فانّ الّتى تخرج حين النّوم هى الانفس العقلانيّة ويشبه ان لا يكون الله يقبضها حين الموت لتسفّلها وعدم الاعتناء بها بل تكون تفنى او تقبضها الملائكة، او فى منامها متعلّق بيتوفّى الانفس والمعنى انّ الله يتوفّى الانفس، ويتوفّى بان يقبضها حين نومها ومعنى قوله تعالى { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ } على الوجه الاوّل انّه يمسك الانفس الّتى قضى عليها الموت من الانفس المتوفّاة ويرسل الاخرى الّتى لم يتوفّها بالموت يعنى يبقيها فى ابدانها الى اجلها، او يمسك الانفس العقلانيّه الّتى يتوفّيها بالنّوم ويرسل الانفس الحيوانيّة الّتى لم يتوفَّها يعنى يبقيها فى ابدانها والمعنى على المعنى الثّانى انّه يمسك الانفس الّتى يتوفّيها بالموت ويرسل الاخرى الّتى توفّيها بالنّوم بان يرسلها بعد توفّيها الى ابدانها { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } موقّتٍ معلومٍ { إِنَّ فِي ذَلِكَ } التّوفّى والارسال حين الموت والنّوم { لآيَاتٍ } عديدةً على مبدئيّته وعلمه وقدرته وكمال حكمته، وبقاء عالم آخر غير هذا العالم وعود الانفس الى ذلك العالم، وكون الانسان ذا مراتب وانّ بعض مراتبه حكمها حكم الطّبع، وبعض مراتبه حكمها حكم العقل المجرّد وانّه يمكن ان يشاهد ما فى العالم الباقى كما انّه يشاهد ما فى هذا العالم وغير ذلك { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } باستعمال المفكّرة باستخدام العقل فى استنباط المعانى الدّقيقة والنّتائج الخفيّة من المقدّمات الجليّة وغيرهم وان كانوا ذوى شعورٍ وعلمٍ وذوى عقولٍ والبابٍ وذوى تذكّرٍ وتنبّهٍ لا ينتقلون الى آياته من مشهوداته.