الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }

{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ } منقطع عن سابقه لفظاً ومعنىً لابداء حكم ونصحٍ، او جوابٌ لسؤالٍ ناشٍ من سابقه كأنّه قيل: فما يفعل من كان يريد العزّة ايطلبه من غير الله؟ من انّ احياء نبات الارض بيده او لا يطلبه الاّ من الله؟- فقال: من كان يريد العزّة فلا يوجد العزّة الاّ عند الله { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } فلا يطلب العزّة احدٌ من احدٍ الاّ من الله لعدم وجدانه عند احدٍ غير الله { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } الكلم لكونه اسم جنس جمعىّ يعامل معه معاملة المفرد المذكّر والجملة جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: لا يمكن لنا الوصول الى الله حتّى نطلب العزّة من عنده، فقال: ان كان لا يمكن لكم الوصول الى الله بذواتكم يصل اليه كلماتكم الطّيّبة والاقوال الصّالحة من الاذكار العالية واقوالكم لاصلاح ذات البين والنّصح للعباد والامر بالمعروف والنّهى عن المنكر وتعليم العلوم وهداية الخلق الى الطّريق وغير ذلك من الاقوال { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ } الاركانىّ { يَرْفَعُهُ } فقولوا قولاً طيّباً واعملوا عملاً صالحاً تُعزّوا، وعن الصّادق (ع): الكلم الطّيّب قول المؤمن: لا اله الاّ الله، محمّد رسول الله (ص)، علىّ ولىّ الله (ع) وخليفة رسول الله (ص)، والعمل الصّالح الاعتقاد بالقلب انّ هذا هو الحقّ من عند الله لا شكّ فيه من ربّ العالمين، وعنه (ع) فى هذه الآية قال: ولايتنا اهل البيت، واومى بيده الى صدره، فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملاً، وعن الباقر (ع) قال: قال رسول الله (ص): " انّ لكلّ قولٍ مصداقاً من عملٍ يصدّقه او يكذّبه فاذا قال ابن آدم وصدّق قوله بعملٍ رفع قوله بعمله، واذا قال وخالف عمله قوله ردّ قوله على عمله الخبيث وهوى فى النّار " ، ولمّا كان اصل جميع الكلم الطّيّب هو كلمة الولاية والقول بها والاعتقاد بها صحّ تفسير الكلم بالولاية، ولمّا كان اصل جميع الصّالحات هو عمل الولاية الّتى هى البيعة الخاصّة الولويّة الّتى يترتّب عليها جميع الخيرات وجميع الاعمال الصّالحات ولا يصير الصّالح صالحاً الاّ بها صحّ تفسير العمل الصّالح بها مع انّ الآية عامّة لجميع الكلمات وجميع الاعمال { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } عطف باعتبار المعنى كأنّه قال: فالّذين يعملون الصّالحات يرفع أقوالهم وأعمالهم الى الله ويعزّون بها والّذين يمكرون السّيّئات كقريشٍ ومكرهم فى دار النّدوة، او كمنافقى الامّة ومكرهم فى دفع خلافة علىّ (ع) ولكلّ من يمكر السّيّئة بالنّسبة الى العباد والى قوى نفسه واهل مملكته، فانّ كلّ من يعصى ربّه فهو يمكر فى ارتكاب معصيته لاخفاء النّفس قبح فعله عليه واظهارها حسنةً لديه { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } بالفعل لكنّه لا يحسّ به مثل صاحب الخدر الّذى يحرق عضوه النّار ولا يحسّ به فانّ السّيّئة نفسها عذاب عاجل للطّيفة السّيّارة الانسانيّة ولاختفائها تحت فعليّات النّفس لا تحسّ به { وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } يهلك او يفسد لانّه من النّفس والنّفس ولوازمها هالكة فاسدة، تسلية للرّسول (ص) فى مكرهم به او بعلىّ (ع).