الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } خالقهما { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } الى انبيائه والى اوصيائهم بالوحى والالهام والتّحديث والرّؤيا الصّادقة، والى الصّالحين من عباده بالالهام والتّحديث والرّؤيا، والى جميع خلقه بالالهام والرّؤيا واصلاح امورهم وجبران نقائصهم واخراج نفوسهم من القوى الى الفعليّات { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } بحسب العوالم الّتى يسيرون فيها ويطيرون بها لاصلاح امورها { مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } بحسب العوالم الثّلاثة، الملك والملكوت والجبروت، ولا ينافى هذا ما ورد فى اخبارٍ كثيرةٍ انّ عدد جناج جبرئيل ستّ مائة الف جناحٍ، وانّ دردائيل له ستّة عشر الف جناحٍ وغير ذلك فانّ المراد نوع الجناح وانّ انواع جناح الملائكة ثلاثة وان كان لكلّ نوعٍ اعداد عديدة من افراد الجناح، وورد اخبار كثيرة فى اوصاف الملائكة وكثرة عددهم وانّ لله ملكاً ما بين شحمة اذنه الى عينه مسيرة خمس مائة عامٍ بخفقان الطّير، وانّ له ملائكة ما بين منكبى كلّ وشحمة اذنيه سبع مائة عامٍ، وانّ له ملائكة انصافهم من بردٍ انصافهم من نارٍ، وانّ له ملائكة يسدّون الافق بجناح من اجنحتهم دون عظم ابدانهم، وغير ذلك من اوصاف عظمتم، وانّه ليهبط فى كلّ يومٍ او فى كلّ ليلة سبعون الف ملكٍ فيأتون البيت الحرام فيطوفون به ثمّ يصعدون الى السّماء بعدما يأتون رسول الله (ص) وامير المؤمنين (ع) والحسين (ع) ولا يعودون ابداً { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } اشارة الى كثرة عددهم او الى كثرة اجنحتهم وانّ الاقتصار على هذا العدد بحسب النّوع لا بحسب الشّخص، او انّ الاقتصار على هذا العدد لبيان الكثرة لا للانحصار فى هذا العدد، او اشارة الى انّ كثرة الاجنحة جزء من اجزاء جمال خلقه ويزيد فى جمالهم بحسب الصّورة والهيئة والخلق وغير ذلك ما يشاء، وقد ورد عن النّبىّ (ص) انّه الوجه الحسن والصّوت والشّعر الحسن { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من الزّيادة فى العدد والجمال والاجنحة والاخلاق، وعن الثّمالىّ قال: دخلت على علىّ بن الحسين (ع) فاحتبست فى الدّار ساعة ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وادخل يده من وراء السّتر فناوله من كان فى البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الّذى أراك تلتقطه اىّ شيءٍ هو؟- قال: فضلةٌ من زغب الملائكة نجمعه اذا خلونا نجعله مسبحاً لاولادنا، فقلت: جعلت فداك فانّهم ليأتونكم؟- فقال: يا با حمزة ليزاحمونا على تُكأتنا وقد ورد اخبار كثيرة انّ الائمّة يرون الملائكة ويصافحونهم وقد ذكرنا فى سورة البقرة عند قوله تعالى:وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } [البقرة:219] فى ذيل بيان مراتب الانسان والفرق بين الرّسول والنّبىّ والمحدّث، وجه ما ورد انّ الرّسول يرى الملائكة فى المنام ويسمع كلامه ويعاينة فى اليقظة، والنّبىّ يرى فى المنام ولا يعاين فى اليقظة ويسمع الصّوت، والمحدّث لا يرى فى المنام ولا يعاين ويسمع الصّوت، وقد ذكرنا هناك وجه عدم منافاة هذه الاخبار لما ورد منهم انّهم يعاينون الملائكة، من اراد فليرجع الى ما هناك.