الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }

{ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ } بكلمةٍ واحدةٍ او خصلة واحدةٍ { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ } عن اعوجاجكم او عن قعودكم عنه { مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ } وهذه بدل من واحدة وقد ورد فى اخبارٍ كثيرةٍ انّ المراد بالواحدة ولاية علىٍّ (ع) وحينئذٍ يكون ان تقوموا بتقدير الّلام او بدلاً منها بدل الاشتمال او بدل الكلّ من الكلّ فانّ الولاية بوجهٍ هى القيام لله وبوجهٍ مستلزمة للقيام لله، روى عن يعقوب بن يزيد انّه قال: سألت ابا عبدالله (ع) عن قول الله عزّ وجلّ: قل انّما اعظكم بواحدة؟- قال: بالولاية، قلت: وكيف ذاك؟- قال: انّه لما نصب النّبىّ (ص) امير المؤمنين (ع) للنّاس، فقال: من كنت مولاه فعلىّ مولاه، اعتبس رجل وقال: انّ محمّداً (ص) ليدعو كلّ يوم الى امرٍ جديدٍ وقد بدأ باهل بيته يملّكهم رقابنا، فأنزل الله عزّ وجلّ على نبيّه قرآناً فقال له: قل انّما اعظكم بواحدةٍ، فقد ادّيت اليكم ما افترض ربّكم عليكم، قلت: فما معنى قوله عزّ وجلّ ان تقوموا لله مثنى وفرادى؟- فقال: امّا مثنى يعنى طاعة رسول الله (ص) وطاعة أمير المؤمنين (ع)، وامّا قوله فرادى يعنى طاعة الامام من ذرّيّتهما من بعدهما، ولا والله يا يعقوب ما عنى غير ذلك، وعلى هذه الرّواية يكون مثنى وفرادى حالين من الله والمعنى قل انّما اعظكم بواحدة يعنى بولاية علىّ (ع) ان تقوموا لطاعة الله فى مظاهره حال كون الله مثنى باعتبار مظاهره كزمان الرّسول (ص) فانّ الرّسول (ص) وامير المؤمنين (ع) كانا مظهرين فى ذلك الزّمان لله وطاعة كلٍّ كان طاعة الآخر وطاعة الله، وفرادى كزمان سائر الائمّة (ع) فان كلاًّ كان فى زمانه مظهراً لطاعة الله وكان فرداً فانّ الامام الآخر كان صامتاً غير داعٍ، او يكونان حالين من فاعل تقوموا يعنى ان تقوموا لله حال كون كلّ منكم ذا وجهين، وجه قبول الرّسالة ووجه قبول الولاية كما فى زمان الرّسول (ص)، او ذا وجهٍ واحدٍ هو وجه قبول الولاية، فانّ احكام الرّسالة مقدّمة لقبول الولاية كما ورد: انّ الله رخّص فيها ولم يرخّص فى الولاية، وعلى التّفاسير السّابقة يكونان حالين عن فاعل تقوموا، والاختصاص بهاتين الحالين لانّ الازدحام يفرّق الخاطر ولا يبقى له حالة الفكر، ويدلّ على تفسير الواحدة بالولاية قوله تعالى: قل ما سألتكم من اجرٍ فهو لكم فانّه ما سأل على رسالته اجراً الاّ المودّة فى القربى يعنى اتّباع اوصيائه وقبول ولايتهم، يعنى ما سألتكم من الاجر على التّبليغ من المودّة فى القربى فانّه نافعٌ لكم لانّكم ان اتبعتموهم نجوتم من عذاب الآخرة وبوركتم فى دنياكم وانعم عليكم فى عقباكم كما قال:لَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأعراف:96] بحسب الآخرة والارض بحسب الدّنيا وليس الايمان الاّ قبول الولاية كما تكرّر فى مطاوى ما سلف { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ } يعنى بعد القيام لله وخلوص الوهم والمتفكّرة من حكومة الشّيطان وتصرّفه ينبغى ان تتفكّروا { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } جملة معلّق عنها تتفكّروا يعنى ان تتفكّروا فى انّه ما بصاحبكم من جنّةٍ وتعلموا انّه فى كمال العقل والتّدبير { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } عذاب البرازخ او القيامة او الجحيم.