الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ }

{ فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ } الفاء للتّرتيب فى الاخبار او جزاء شرطٍ مقدّرٍ يعنى اذا كان اليوم انكر المعبودون عبادة العابدين وتحيّر كلّ فى امره واضطرب غاية الاضطراب فاليوم لا يملك { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } لانّ الامر كلّه فى ذلك اليوم بيد الله بخلاف يوم الدّنيا فانّه قد يتوهّم انّ بعضاً يقدر على نفع بعضٍ او ضرّه والخطاب للملائكة وعابديهم او لمطلق المعبودين والعابدين، او لمطلق الرّؤساء والمرؤسين، او للجنّة وعابديهم { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } من المعبودين والمطاعين بان لم يكن معبوديّتهم ومطاعيّتهم باذنٍ من الله والعابدين والمطيعين بان لم يكن عبادتهم وطاعتهم واشراكهم باذنٍ من الله { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } عطف باعتبار المعنى ولذلك التفت من الخطاب الى الغيبة يعنى كانوا اذا قيل لهم: اتّقوا النّار الّتى يوعدكم الله قالوا: ان هذا الاّ كذب، واذا تتلى او صرف للخطاب عنهم الى محمّد (ص) وبيان لحال امّته وعطف ايضاً باعتبار المعنى، والمعنى كانوا اذا تتلى عليهم آياتنا كذّبوها واذا تتلى على قومك { آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } فى الوعد والوعيد او فى الاحكام المعاديّة او المعاشيّة { قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ } بهذا الّذى يظهره علينا { أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } ويجعلكم تابعين لنفسه فى مبتدعاته، نسبوا عبادتهم للمعبودين الى عبادة آبائهم استظهاراً بحقّيّتها تسليماً لحقّيّة فعل آبائهم { وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ } الّذى يقول { إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } على الله { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وضع الظّاهر موضع المضمر ذمّاً لهم وبياناً لعلّة الحكم { لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ } الّذى يقوله فيما ابتدعه { إِلاَّ سِحْرٌ } اى علوم دقيقة، او ان هذا الّذى يظهره علينا من المعجزات الاّ سحر حاصل من تمزيج القوى الطّبيعيّة مع القوى الرّوحانيّة، او ان هذا الّذى يقول فى حقّ ابن عمّه الاّ صرف لما قاله الله تعالى عن وجهه { مُّبِينٌ وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } يقرأونها حتّى ينسبوا صحّة مذهبهم وانكار مذهبك الى تلك الكتب { وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍْ } حتّى ينسبوا ذلك الى قول النّذير فلا يقولون الاّ عن عصبيّة بطريقهم، وعن تقليد آبائهم من غير تحقيقٍ لمذهبهم ولما قالوا فى مذهبك، ومن غير تحقيق لتقليدهم.