الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ }

{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } الّذى اظهره عند قوله لاغوينّهم اجمعين وعند قوله لاضلّنّهم ولامنّينّهم (الآية).

اعلم، انّ تنزيل هذه الآية فى اهل سبا لكن تأويلها فى منافقى امّة محمّد (ص) فانّه ورد عن ابى جعفرٍ (ع) انّه قال: لمّا اخذ رسول الله (ص) بيد علىّ (ع) يوم الغدير صرخ ابليس فى جنوده صرخةً لم يبق منهم احد فى برٍّ ولا بحرٍ الاّ اتاه فقالوا: يا سيّدنا ومولينا، ماذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخةً اوحش من صرختك هذه؟- فقال لهم: فعل هذا النّبىّ فعلاً ان تمّ لم يعص الله ابداً، فقالوا: يا سيّدنا ان كنت لآدم، فلمّا قال المنافقون ينطق عن الهوى، وقال احدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران فى رأسه كأنّه مجنون، يعنون رسول الله (ص) صرخ ابليس صرخةً بطربٍ فجمع اولياءه فقال: اما علمتم انّى كنت لآدم من قبل؟- قالوا، نعم، قال: نعم نقض العهد ولم يكفر بالرّبّ وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرّسول (ص)، فلمّا قبض رسول الله (ص) واقام النّاس غير علىٍّ (ع) لبس تاج الملك ونصب منبراً وقعد فى الزّينة وجمع خيله ورجله ثمّ قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتّى يقام امام، وتلا ابو جعفر (ع): ولقد صدّق عليهم ابليس ظنّه (الى آخر الحديث) وبهذا المضمون مع اختلاف فى اللّفظ اخبار كثيرة { فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ } دفع لما يتوهّم من استقلال ابليس فى تصرّفه كما توهّمته الابليسيّة والثّنويّة يعنى انّ سلطانه عليهم ليس الاّ باذننا وتسليطنا على من شئنا تسليطه عليه وليس هذا التّسليط { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } اى ليظهر علمنا او ليظهر متعلّق علمنا { مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ } او لنعلم فى مقام المعلوم من يؤمن بالآخرة متميّزاً ممّن هو منها فى شكٍّ { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } دفع لما توهّم من قوله لنعلم من حصول العلم له بعدما لم يكن يعنى لا حاجة لربّك الى هذا الامتحان فانّه على كلّ شيءٍ حفيظ فيعلم كلّ شيءٍ بجميع صفاته وآثاره فتسليط الشّيطان ليس الاّ لظهور معلومه عليكم.