الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

{ ضَرَبَ } الله { لَكُمْ } لانتفاعكم واتّعاظكم او لاحوالكم فى اشراككم بالله مماليكه حتّى تتنبّهوا وتعلموا انّ هذا الاشراك خطاء محض { مَّثَلاً } لحاله وحال شركائه بزعمكم { مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ } بيان للمثل كأنّه قال: المثل كون المماليك مع انّهم ليسوا مملوكين لكم حقيقه شركاء لكم { فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } مع كون الرّزق منّا ونسبته اليكم محض اعتبارٍ ولا ترضون به فكيف ترضون او كيف يرضى الله تعالى بجعل مماليكه الحقيقيّة الّتى لا وجود لهم من انفسهم فكيف بسائر الصّفات شركاء له فى مملوكاته الحقيقيّة لكنّه عدل الى هذا تأكيداً لنفى رضاهم بشراكة مماليكم حتّى يكون تأكيداً لنفى الشّريك لله تعالى { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } عطف على مدخول الاستفهام يعنى لستم ترضون بمساواتهم لكم فكيف ترضون او يرضى الله بمساواة مماليكه له، او عطف على حزب الله والفاء للتّعقيب فى الاخبار وبعض اجزاء المعطوف يكون محذوفاً والتّقدير فانتم ايّها الاحرار فيما رزقناكم مساوون للمماليك او انتم ايّها الاحرار والمماليك فيه مساوون ولا ترضون بشراكة المماليك لكم مع مساواتهم لكم فى كلّ الجهات فكيف ترضون او يرضى الله بشراكة المماليك له { تَخَافُونَهُمْ } جملة حاليّة او مستأنفة والمعنى هل تخافونهم { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } فتجعلونهم شركاء لخوفكم، او المعنى فانتم ومماليككم فى الرّزق سواء من كلّ الجهات سوى اعتبار نسبة المالكيّة اليكم وتخافونهم كخيفتكم من الاحرار، وينبغى لكم ان ترضوا بشراكتكم ولا ترضون فكيف يرضى الله بشراكة مماليكه له مع انّهم ليسوا مساوين له بجهةٍ من الجهات ولا يخافهم بشيءٍ من الخوف { كَذَلِكَ } التّفصيل والتّمثيل لاشراكهم { نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } فى كلّ شيءٍ { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يحقّقون فى العلم والادراك بعدما خرجوا من مقام التّقليد ولقومٍ يدركون ادراك الانسان لا ادراك الحيوان سواء كان ذلك الادراك تقليداً او تحقيقاً، فانّ التّعقّل يستعمل فى الادراك الانسانىّ المطلق كما يستعمل فى الادراك العقلانىّ الّذى لا يكون الاّ بالتّحقيق دون التّقليد، قيل: كان سبب نزولها انّ قريشاً والعرب كانوا اذا حجّوا يلبّون وكانت تلبيتهم لبّيك لبيّك لا شريك لك لبّيك انّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك؛ وهى تلبية ابراهيم والانبياء (ع) فجاءهم ابليس فى صورة شيخٍ فقال لهم: ليست هذه تلبية اسلافكم قالوا: وما كانت تلبيتهم؟- قال: كانوا يقولون: لبّيك اللّهمّ لبّيك لا شريك الاّ شريكاً هو لك، فتفرّق قريش من هذا القول فقال لهم ابليس: على رسلكم حتّى آتى على آخر كلامى، فقالوا: ما هو؟ فقال: ألاّ شريك هو لك تملكه وما يملكك، الا ترون انّه يملك الشّريك وما ملكه، فرضوا بذلك وكانوا يلبّون بهذا قريش خاصّةً فلمّا بعث الله عزّ وجلّ رسوله (ص) انكر ذلك عليهم وقال: هذا شرك فأنزل الله تعالى: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } اى ترضون انتم فيما تملكون ان يكون لكم فيه شريك واذا لم ترضوا انتم ان يكون لكم فيما تملكون شريكٌ فكيف ترضون ان تجعلوا لي شريكاً فيما املك.