الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } تكرار الخطاب والنّداء للتّأكيد فى التّقريع وللاشارة الى انّ كلاًّ يكفى فى التّقريع { لِمَ تَصُدُّونَ } تمنعون { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } عن الحجّ او الجهاد او مطلق الخير او الولاية او الاسلام { مَنْ آمَنَ } حصل له الاسلام او من اراد الاسلام، قيل كانوا يمنعون المسلمين عن الإتلاف والاتّفاق وكانوا يحرّشون بينهم حتّى اتوا الاوس والخزرج فذكّروهم ما بينهم فى الجاهليّة من التّعادى والتقاتل ليعودوا لمثله، او المعنى لم تمنعون من آمن بتحريف الكتب وتغيير صفة النّبىّ (ص) وكتمان ما دلّ صريحاً على حقّيّة الاسلام { تَبْغُونَهَا } حال عن فاعل تصدّون او عن سبيل الله او عن كليهما او مستأنفٌ جواب لسؤالٍ مقدّرٍ والمعنى تبغون لها { عِوَجاً } او تبغونها معوّجة او تبغون عوجها على ان يكون مفعولاً به او حالاً او تميزاً يعنى تتجسّسون الاختلاف والمناقضات المترائاة فيها لتوهنوها على اهلها او ترغبون فيها ان كانت معوّجة لانّكم ذوو عوج ولا تطلبونها حال كونها مستقيمة، والعوج بالفتحتين والعوج بكسر العين مصدر اعوج كفرح، او الاوّل مصدر والثّانى اسم مصدر، او الاوّل فى المتنصبات مثل الجدار والعصا والثّانى فى غيرها مثل الارض والدّين، والعوج فى كلّ شيءٍ بحسبه فالعوج فى الدّين ان يكون فى احكامه موصلاً الى المطلوب منه، فانّ المطلوب من سبيل الله والتديّن بدين الله ان توصل المتوسّل بها الى الله والى دار نعيمه، فان توصل الى الشّيطان ودار جحيمه او لم توصل الى الله كانت معوّجة { وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ } جمع الشّهيد بمعنى الحامل للشّهادة او المؤدّى لها او الامين فيها، او بمعنى العالم، وعلى اىّ تقدير فهو امّا منسىّ المفعول او منويّه اى انتم الّذين يستشهد بكم اهل ملّتكم فى قضاياهم، او انتم الامناء فى شهاداتهم وعليكم اعتمادهم، او انتم علماء ملّتكم، او انتم تشهدون بانّ السّبيل سبيل الله، او تشهدون انّكم تصدّون عن سبيل الله { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } وعيد لهم ولمّا كان القبيح فى الآية الاولى الكفر الّذى كانوا يجهرون به وفى هذه الآية حيلتهم فى صدّ المسلمين عن الاسلام وكانوا يخفونه اتى فى الاولى بقوله { والله شهيد على ما تعملون } وفى هذه الآية بقوله { وما الله بغافل } لانّ اخفاء القبيح كان مظنّة للغفلة عنه.

تفسير حجّة الوداع وغدير خم

وهذه الآية كسابقتها تعريض بالامّة وبكفرهم بعلىّ (ع) وما جاء الرّسول به من عند الله فى حقّه وما قاله لهم فى حجّة الوداع فى مسجد الخيف وغدير خمّ من الوصيّة فى حقّه وما امرهم به من البيعة معه فى عشرة مواطن او ثلاثة مواطن وبصدّهم المسلمين عن البيعة معه والطّاعة له، ولمّا كان الخطاب فى الآيتين الاوليين مع اهل الكتاب امر نبيّه ان يخاطبهم توهيناً وتبعيداً لهم عن تشريف الخطاب ولمّا كان الخطاب فى الآية الآتية مع المؤمنين خاطبهم بنفسه تشريفاً لهم فقال { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ }.