الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ }

{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ } اذكر او ذكّرهم ويجوز ان يكون اذ هذه عطفاً على اذ فى قوله { بعد اذ انتم مسلمون } والمعنى ايأمركم بالكفر { بعد اذ انتم مسلمون } منقادون وبعد اذ اخذ الله { مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } ميثاق كلّ على يد النّبى السّابق او وصيّه او فى عالم الذّرّ على ايمان كلّ بالآخر او على ايمان الكلّ بمحمّد (ص) او بعد اذ اخذ الله ميثاق امم النّبيّين على ايدى انبيائهم او فى عالم الذّرّ على ان يؤمن كلّ امّة بالنّبىّ الّذى يأتى بعد نبيّهم او بمحمّد (ص) ان ادركوا زمانه (ص) يعنى انّه اخذ ميثاق كلٍّ من الانبياء على الايمان والنّصرة لمن يأتى بعده او لمحمّد (ص) وكذلك اممهم فكيف يأمر الانبياء بالاستقلال والرّبوبيّة والامم باتّخاذهم ارباباً وقد اشير الى كلّ من المعانى فى الاخبار وقيل: اذ اخذ الله عطف على قوله { اذ قالت الملائكة } وهو فى غاية البعد ولو قال هو عطف على قوله { اذ قال الله يا عيسى } كان اقرب، والميثاق العهد الّذى يثق المتعاهد به شبه العهد بالرّهن ثمّ استعمل الاخذ استعارة تخييليّة وترشيحاً للاستعارة { لَمَآ آتَيْتُكُمْ } كان حقّه ان يقول: لما آتاهم لكنّه اتى بالتكلّم والخطاب حكاية لحال الخطاب { مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } قرئ بكسر الّلام صلة للاخذ وما مصدريّة او موصولة واذا كانت موصولة فالعائد محذوف من الصّلة والعائد فى الجملة المعطوفة تكرار الموصول اعنى لما معكم، ولفظة من تبعيضيّة على تقدير كون ما مصدريّةً، وبيانيّة على تقدير كونها موصولةً، وقرئ بفتح الّلام فالّلام تكون موطّئة وما شرطيّة او موصولة، واذا كانت موصولة فالعائد مثل السّابق، والمراد بالكتاب أحكام الرّسالة والكتاب التّدوينىّ صورتها وبالحكمة آثار الولاية { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ } من الكتاب والاحكام القالبيّة والحكمة الّتى هى العقائد الحقّة الدّقيقة الّتى لا تدرك الاّ بالمشاهدة بعين البصيرة { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } الّلام للقسم والجملة منقطعة عن سابقها على قراءة كسر لام لما آتيتكم وتكون بمنزلة جواب القسم لقوله: { اذ اخذ الله ميثاق النّبيّين } فانّه بمنزلة القسم وهى خبر لما على قراءة فتح الّلام وكون ما موصولة وجواب للقسم والشّرط على تقدير كون ما شرطيّة، والضّمير المجرور راجع الى ما { فيما آتيتكم } ، او الى محمّد (ص) او الى نبىّ يأتى بعد النّبىّ الاوّل يعنى اخذ الله ميثاق كلّ نبىّ لمن يأتى بعده او الى نبىّ كلّ امّةٍ على ان يكون التّقدير اخذ الله ميثاق امم النّبيّين من كلّ امّة لنبيّها وقد نسب الى امير المؤمنين (ع) انّ الله اخذ الميثاق على الانبياء (ع) قبل نبيّنا (ص) او يخبروا اممهم بمبعثه ونعته ويبشّروهم به ويأمروهم بتصديقه ونقل: انّ الله اخذ الميثاق على الانبياء على الاوّل والآخر فأخذ الله ميثاق الاوّل لتؤمننّ بما جاء به الآخر، وعن الصّادق (ع) انّه قال تقديره: اذ اخذ الله ميثاق امم النّبيّين كلّ امّة بتصديق نبيّها والعمل بما جاءهم به وانّهم خالفوهم ممّا بعد وما وفوا به وتركوا كثيراً من شريعته وحرّفوا كثيراً منها { وَلَتَنصُرُنَّهُ } الضّمير المفعول راجع الى مرجع الضّمير المجرور السّابق، او الى امير المؤمنين (ع) على ما روى عنهم فانّه نسب الى الصّادق (ع) انّه قال: ما بعث الله نبيّاً من لدن آدم فهلمّ جرّاً الاّ ويرجع الى الدّنيا وينصر امير المؤمنين (ع) وهو قوله { لتؤمننّ به ولتنصرنّه } يعنى امير المؤمنين (ع)، وعن الباقر (ع) عن امير المؤمنين (ع) فى حديثٍ طويلٍ يبيّن كيفيّة خلقهم انّه قال: واخذ ميثاق الانبياء بالايمان والنّصرة لنا وذلك قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ } يعنى لتؤمننّ بمحمّد (ص) ولتنصرنّ وصيّه وسينصرونه جميعاً وانّ الله اخذ ميثاقى مع ميثاق محمّد (ص) بنصرة بعضنا لبعضٍ فقد نصرت محمّداً وجاهدت بين يديه وقتلت عدوّه ووفيت لله بما أخذ علىّ من الميثاق والعهد والنّصرة لمحمّد (ص) ولم ينصرنى احد من انبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله اليه وسوف ينصروننى ويكون لى ما بين مشرقها الى مغربها وليبعثهم الله احياءً من آدم (ع) الى محمّد (ص) كلّ نبىٍّ مرسل يضربون بين يدىّ بالسّيف هام الاموات والاحياء والثّقلين جميعاً (الى آخر الحديث بطوله) { قَالَ } الله { أَأَقْرَرْتُمْ } ايّها الانبياء او ايّها الانبياء مع الامم او ايّتها الامم { وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } الاصر بالكسر وقد يضمّ ويفتح العهد والذّنب والثّقل والمراد به العهد { قَالُوۤاْ } اى الانبياء او الانبياء واممهم او الامم { أَقْرَرْنَا قَالَ } الله للملائكة { فَٱشْهَدُواْ } على الانبياء واممهم او قال الله للانبياء فاشهدوا على اممكم { وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } عن الصّادق (ع) قال لهم فى الذّرّ: اقررتم واخذتم على ذلكم اصرى اى عهدى؟ - قالوا اقررنا، قال الله للملائكة فاشهدوا، وعن امير المؤمنين (ع) قال الله للانبياء فاشهدوا على اممكم.