الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } عطف باعتبار المعنى كأنّه قال: من اهل الكتاب من يحتال بالحيل الشّيطانيّة ومنهم من يكون سالماً من الحيل، ومن اهل الكتاب فى مقام الامانة والخيانة { مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } الباء للتّعدية والقنطار اربعون وقيّة من الذّهب او الف ومأتا دينار او ثمانون الف درهم، او مئة رطل من الذّهب او الفضّة، او الف دينار او ملء مسك ثور ذهباً او فضّة، او الف ومأتا وقيّة، او سبعون الف دينار والمراد مدح بعضهم بأنّك ان تأمنه بكثيرٍ من المال لا يخنه و { يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } قيل: المراد بهذا البعض النّصارى { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ } اصله دنّار بدليل دنانير والمقصود المال القليل يخنه و { لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } اى الاّ ما لم تغب عن نظره وقيل: المراد بهذا البعض اليهود والحقّ انّه لا اختصاص لشيءٍ منهما بفرقة منهما { ذٰلِكَ } المذكور من عدم الاداء { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي } حقّ { ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } يعنى ليس علينا عقوبة فى التّقصير فى حقوق من ليسوا من اهل الكتاب والمراد بالامّيّين امّا اهل مكّة او اهل الاسلام لانتسابهم الى محمّد (ص) المبعوث من مكّة، او محمّد (ص) الّذى لم يقرأ ولم يكتب، او المراد كلّ من لم يكن له كتاب وشريعة وملّة الهيّة وذلك انّهم استحلّوا ظلم من خالفهم وقالوا: لم يجعل لهم فى التّوراة حرمة وعن النّبىّ (ص) انّه لمّا قرأ هذه الآية قال: " كذب اعداء الله ما من شيءٍ كان فى الجاهليّة الاّ وهو تحت قدمى الاّ الامانة فانّها مؤدّاة الى البرّ والفاجر " { وَيَقُولُونَ } اى يعلّقون بقولهم هذا { عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } انّه كذب وهذا تعريض بالامّة وما أحدثوه بعد وفاة الرّسول (ص) من الاختلاف وانكار كلّ فرقةٍ حرمة الاخرى كما هو واقع فى زماننا بين المنتحلين للتّشيّع والمقرّين بالائمّة الاثنى عشر حيث يكفّر ويلعن بعضهم بعضاً ويستحلّون أموالهم ودماءهم وفروج المحصنات من نسائهم بادّعاء كلٍّ انّ المخالف لمذهبنا لا حرمة له فى نفسه وماله وعرضه.