الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ وَمَكَرُواْ } اى اليهود الّذين احسّ عيسى (ع) منهم الكفر مكروا لقتله بما سيجيء والمكر اخفاء المقصود واظهار غيره للعجز عن امضاء المقصود جهاراً وبهذا المعنى لا يجوز اطلاقه على الله الاّ من باب المشاكلة { وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } من حيث المكر لكون الاخفاء والاعلان بيده وفى حكمه بخلاف غيره من الماكرين، او لكون المكر منه عدلاً ومن غيره ظلماً، او لكون مكره واستدراجه ماضياً لا محالة دون غيره.

تفصيل حال عيسى واخذه وصلبه

نقل انّ عيسى (ع) بعد اخراج قومه ايّاه من بين اظهرهم عاد اليهم مع الحواريّين وصاح فيهم بالدّعوة فهمّوا بقتله وتواطؤوا على القتل فذلك مكرهم به، ومكر الله بهم القاؤه شبهه على صاحبه الّذى اراد قتل عيسى (ع) حتّى قتل وصلب ورفع عيسى (ع) الى السّماء وقيل: لمّا اراد ملك بنى اسرائيل قتل عيسى (ع) دخل خوخته وفيها كوّة فرفعه جبرئيل من الكوّة الى السّماء وقال الملك لرجل منهم خبيث: ادخل عليه فاقتله فدخل الخوخة فألقى الله عليه شبه عيسى (ع) فخرج الى اصحابه يخبرهم انّه ليس فى البيت فقتلوه وصلبوه وظنّوا انّه عيسى (ع) وقيل اسرّوه ونصبوا له خشبة ليصلبوه فأظلمت الارض وارسل الله الملائكة فحالوا بينه وبينهم فأخذوا رجلاً يقال له يهودا وهو الّذى دلّهم على المسيح وذلك انّ عيسى (ع) جمع الحواريّين تلك اللّيلة وأوصاهم ثمّ قال: ليكفرنّ بى احدكم قبل ان يصيح الدّيك بدراهم يسيرةٍ؛ فخرجوا وتفرّقوا، وكانت اليهود تطلبه فاتى احد الحواريّين اليهم فقال: ما تجعلون لى ان ادلّكم عليه؟ فجعلوا له ثلاثين درهماً فاخذها ودلّهم عليه فالقى الله عليه شبه عيسى (ع) لمّا دخل البيت ورفع عيسى (ع) فأخذ فقال: انا الّذى دللتكم عليه فلم يلتفتوا الى قوله وصلبوه وهم يظنّون انّه عيسى (ع) فلمّا صلب شبه عيسى (ع) واتى على ذلك سبعة ايّام قال الله عزّ وجلّ لعيسى (ع): اهبط على مريم لتجمع لك الحواريّين فهبط واشتعل الجبل نوراً فجمعت له الحواريّين فبثّهم فى الارض دعاةً ثمّ رفعه الله سبحانه وتلك اللّيلة هى اللّيلة الّتى يدّخر فيها النّصارى فلمّا اصبح الحواريّون حدّث كلّ واحد منهم بلغة من ارسله عيسى (ع) اليهم فذلك قوله عزّ وجلّ، { وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } ، وذكر فى الانجيل انّ يهودا الّذى دلّهم على عيسى (ع) ندم على فعله والقى الدّراهم اليسيرة وكانت ثلاثين قطعة من الفضّة فى معبدهم وقتل نفسه. وورد فى اخبارنا انّه القى شبه عيسى (ع) على شابّ من تابعيه ليكون معه فى درجته. وفى الانجيل انّ الّذى كفر به اللّيلة الّتى أخذ فيها ثلاث مرّات قبل ان يصيح الدّيك كان شمعون وانّه كفر به، وانكره ثلاث مرّات، وفى الانجيل انّ اليهود صلبوا عيسى (ع) والتمس رجل من تابعيه من الملك ان يدفن جثّته فأذن له ودفنه فى قبر نحته من الحجر لنفسه والقى على بابه حجراً عظيماً ثمّ رفع من القبر بعد الموت واجتمع له الحواريّون وعلّم كلّ بلغة من ارسل اليهم، وروى عن النّبىّ (ص) انّه قال

السابقالتالي
2