الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ لَتُبْلَوُنَّ } مستأنفة منقطعة عمّا قبلها، او جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: ما لنا يرد علينا البلايا فى أموالنا وأنفسنا؟ - فقال: أقسم بالله على سبيل التّأكيد بالقسم ولامه ونون التّأكيد لتبلونّ ولتمتحننّ حتّى يخرج ما ينافى الايمان من وجودكم ويخلص ايمانكم ممَّا خالطه من الاغراض الفاسدة الشّيطانيّة والاهوية الكاسدة النّفسانيّة فأشار بلفظ لتبلونّ الى انّ الابتلاء { فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } لان يخلصكم ممّا لا ينبغى ان يكون خليط ايمانكم، والابتلاء فى الاموال بتكليف اخراج الحقوق منها او تكليف قضاء الحوائج وحفظ النّفوس والحقوق وصلة الارحام بها، او باتلافها بآفاتٍ ارضيّة وسماويّة، والابتلاء فى النّفوس بتكليف الجهاد والحجّ وسائر العبادات، او بالآفات البدنيّة والنّفسيّة { وَلَتَسْمَعُنَّ } ذكر للخاصّ بعد العامّ للاهتمام به فانّ سماع الاذى ابتلاء فى الانفس { مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } اليهود والنّصارى { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً } اى قولاً فيه اذى كثير لكم كهجاء الرّسول (ص) والطّعن فى دينكم ولمز المؤمنين والتّخويف بالقتل والاسر والنّهب والشّماتة بكم وغير ذلك، وهذا اخبار على سبيل التّأكيد حتّى يوطّنوا انفسهم عليه فلا يضطربوا فى دينهم ولا فى انفسهم حين ورودها عليهم { وَإِن تَصْبِرُواْ } ولا تضطربوا فى الدّين ولا تخرجوا بالجزع عن الثّبات فى الدّين ولا تتبادروا الى المكافاة بالالسن او الايدى { وَتَتَّقُواْ } عن المكافاة بالاساءة اليهم وعمّا يخالف رضى الله تتمكّنوا فى دينكم وتتفضّلوا بصفة العزيمة والثّبات { فَإِنَّ ذٰلِكَ } الصّبر والتّقوى { مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } ممّا يعزم عليه من الامور اى ممّا ينبغى ان يعزم ويوطّن النّفوس عليه.