الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } على الجبل فى فراركم او فى وجه الارض فانّ الاصعاد الذّهاب فى الصعيد وهو وجه الارض والصعود بمعنى الارتقاء والظّرف متعلّق بصرفكم او بيبتليكم او مفعول لذكرهم مقدّراً منقطعاً عمّا قبله { وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } لا تنظرون على اعقابكم فى فراركم لشدّة خوفكم { وَٱلرَّسُولُ } والحال انّ الرّسول { يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَاكُمْ } فى جماعتكم المتأخّرة اى فى اعقابكم كان يقول: الىّ عباد الله الىّ عباد الله انا رسول الله { فَأَثَابَكُمْ } اى جازاكم الرّسول او الله { غَمّاً } هو القتل موصولاً { بِغَمٍّ } هو المغلوبيّة والفرار او غمّاً هو الفرار والقتل موصولاً بغمّ هو الارجاف بقتل الرّسول (ص) او غموماً متتالية هى القتل والهزيمة والارجاف والجرح فانّ هذه الكلمة قد تستعمل فى الكثرة المتتالية، او اثابكم غمّاً هو الهزيمة والارجاف والقتل بدل غمٍّ او بسبب غمٍّ اصاب الرّسول (ص) حين خلافكم قوله (ص) وعدم ثباتكم فى مراكزكم { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } بعد ذلك يعنى انّ اثابة الغمّ على ترك امر الرّسول (ص) واذاقة مرارة الهزيمة والقتل ليكون ذلك فى ذكركم فلا تخالفوا بعد ذلك امر الرّسول (ص) لعرض الدّنيا ولا تحزنوا على ما تصوّرتم فواته من الغنيمة { وَلاَ } على { مَآ أَصَابَكُمْ } من الشّدائد فى سبيل الله فانّ البليّة اذا كانت فى طاعة الله وطاعة رسوله لم تؤثّر اثراً بل تلذّ لبعض، او المعنى اثابكم غمّاً بغمٍّ ليستكملكم بذلك فلا تحزنوا بعد الاستكمال على ما فاتكم، او المعنى ليشغلكم حزنكم على مخالفة امر النّبىّ (ص) عن الحزن على ما فاتكم { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فيجازيكم على اعمالكم على حسب مصالحكم، وفيه ترغيب فى الطّاعة وترهيب عن المعصية.