{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } ايّاكم بقوله { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ } او بقوله { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } وبقوله { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } تعريضاً او بقوله { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } او بقول نبيّه (ص) لاصحاب عبد الله بن جبير " لا تبرحوا من هذا المكان فانّا لا نزال غالبين ما ثبتّم مكانكم " ولقد تحقّق صدق وعده حين كنتم غالبين ما كنتم غير مخالفين لامر الرّسول بثبات اصحاب عبد الله بن جبير فى مراكزهم { إِذْ تَحُسُّونَهُمْ } تقتلونهم من الحسّ بمعنى القتل او الحيلة او الاستئصَال { بِإِذْنِهِ } بترخيصه واباحته تكويناً وتكليفاً على لسان نبيّه (ص) { حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ } ضعفتم عن القتال والثّبات فى مراكزكم { وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ } بان قال بعضكم: غنم اصحابنا، وقال بعضكم: لا نبرح من أمكنتنا فانّ الرّسول (ص) قدّم الينا ان لا نبرح { وَعَصَيْتُمْ } امر الرّسول (ص) بان لا تبرحوا عن امكنتكم سواء انهزم المسلمون او هزموا { مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ } الله { مَّا تُحِبُّونَ } من الظّفر والغنيمة وجواب اذا محذوف وهو امتحنكم او منعكم انجاز وعده لمنعكم شرط وعده وهو الصّبر والتّقوى والثّبات فى المراكز { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا } جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل لما يقع النّزاع منّا؟ - فقال: لانّ منكم من يريد الدّنيا وهم الّذين تركوا مراكزهم من اصحاب عبد الله بن جبير للحرص على الغنيمة وارادة عرض الدّنيا { وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } وهم الّذين ثبتوا حتّى قتلوا { ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ } اى عن مقاتلتهم بالجبن والفرار حتّى غلبوكم { لِيَبْتَلِيَكُمْ } يمتحنكم بالبلايا فيخلصكم من الهوى وارادة الدّنيا { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } بعد ما ندمتم على مخالفتكم تفضّلاً منه عليكم فادالكم عليهم ثانياً بحيث غلبتموهم وارعبتموهم حتّى لم يمكثوا الى مكّة وكانوا مسرعين خائفين { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } فلا ينظر الى اعمالهم واستحقاقهم بل يريد استكمالهم فى الاحوال كلّها سواء ابتلاهم او انعم عليهم.