الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }

{ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } كرّر هذا القول للاشعار بانّ الاوّل كان بحسب عذاب الدّنيا والثّانى بحسب عذاب الآخرة، او لانّ الاوّل كان مقدّمة للتّهديد باتيان العذاب والثّانى للتّهديد باحاطته بهم فى الحال ولكنّهم لا يشعرون به، او المنظور من التّكرير المبالغة فى تسفيههم بالتّجرّى على ما ينبغى التّحرّز عنه ولو كان محتملاً غير متيقّن { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } وضع المظهر موضع المضمر اشعاراً بعلّة الحكم واظهاراً لكفرهم بنفاقهم يعنى انّهم كافرون وكلّ كافرٍ واقع فى وسط جهنّم ومعذّب بانواع عذابها وان كان لا يشعر به فهم فى استعجالهم فى العذاب واقعون فى العذاب.

اعلم، انّ النّفس الانسانيّة بمقتضياتها الحيوانيّة انموذج الجحيم ولهباتها وانواع عذابها فان كان الانسان الواقع فى مقام النّفس وهو الّذى يكون فى الغيب من الله ومن الآخرة منقطعاً عن الولاية ومستوراً منه الوجهة الولويّة كان واقعاً فى جهنّم وواقفاً عليها ومحاطاً بها، وان لم يكن منقطعاً عن الولاية بان كان مؤمناً بها كانت عليه برداً وسلاماً ولم يحسّ بها او احسّ بها وبآلامها لكن تكون تطهيراً له عن شوائبه الغريبة، وكون النّفس الانسانيّة انموذج الجحيم ووجوب عبور الانسان عليها وعنها احد وجوه قوله تعالى:وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم:71] وهى الجسر الممدود على متن جهنّم وقد مضى فى سورة التّوبة بيان اجمالىّ فى نظير هذه الآية لاحاطة جهنّم بالكافرين.