الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

{ ٱتْلُ } جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كما انّ قوله تعالى خلق الله السّماوات (الآية) كان جواباً لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: هل لتعقّل الامثال آية ومنبّه؟- فقال جواباً: خلق الله السّماوات والارض بالحقّ وفى خلقهما آيات عديدة منبّهة على تعقّل الامثال كما انّ فيها آيات عديدة دالّة على مبدء عليم حكيم قدير مريد رحيم رؤفٍ وكأنّه قيل بعد ذلك: هل لنا منبّه على تذكر الآيات المودعة فى خلق السّماوات والارض؟- فقال تعالى: اتل خطاباً لمحمّد (ص) على: ايّاك اعنى واسمعى يا جارة او خطاباً عامّاً { مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ } بتوسّط جبرئيل او ما اوحى اليك بسبب محمّد (ص) { مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } حتّى تستعدّ لتذكّر الآيات وتمتّع من الملاهى الّتى تحجبك عن تذكّر الآيات { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قد مضى فى اوّل البقرة وفى سورة النّساء عند قولهلاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ } [النساء:43] تفصيل لمعانى الصّلٰوة ومراتبها واقامتها، ولمّا كانت الصّلٰوة القالبيّة بالمواضعة الالهيّة مانعة من الاشتغال بغيرها ولو كان مباحاً كانت ناهية عن الفحشاء والمنكر القالبىّ بالمواضعة، والصّلٰوة القلبيّة المأخوذة من صاحب اجازة الالهيّة تكون مانعة عن الفحشاء والمنكر فى مرتبة القلب، وكذلك الصّلٰوة الصّدريّة الّتى هى السّكينة القلبيّة المسمّاة بالفكر والحضور عندهم وهى ملكوت ولىّ الامر واوّل مقام معرفة علىّ (ع) بالنّورانيّة تنهى حالاً او باللّسان عن جملة الفحشاء والمنكر، وصلٰوة المصلّى الّذى هو مستغرق فى شهود جمال الوحدة ناهية له عن الالتفات الى غير الله وهذا الالتفات هو نكره فى ذلك المقام، والصّلٰوة الّتى هى عبارة عن الرّسول (ص) او الامام (ع) تنهى عن الفحشاء والمنكر اللّذين هما مقابلان لهما من اصناف البشر وقد فسّر الصّلٰوة بكلٍّ وفسّر الفحشاء والمنكر باعداء الرّسول (ص) والامام (ع)، نقل: انّها ما لم تنه الصّلٰوة عن الفحشاء والمنكر لم تزدد من الله عزّ وجلّ الاّ بُعداً، وروى انّ فتى من الانصار كان يصلّى الصلوات مع رسول الله (ص) ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله (ص) فقال: انّ صلٰوته تنهاه يوماً، فلم يلبث ان تاب، وعلى هذا كان معنى الآية انّ الصّلٰوة تنهى فى المستقبل صاحبها عن الفحشاء والمنكر { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } ان اريد بالصّلٰوة الصّلٰوة القالبيّة كان المراد بذكر الله ذكر الله للعبد، او الذّكر القلبىّ، او الذّكر الّذى هو الفكر، او ذكر اوامره ونواهيه عند كلّ فعال الّذى يحمل العبد على الامتثال والانتهاء، وان كان المراد الصّلٰوة القلبيّة كان المراد بذكر الله ذكر الله للعبد او واحد ممّا ذكر بعد الذّكر القلبىّ وهكذا الحال فى سائر مراتب الصّلٰوة، وان كان المراد بالصّلٰوة الرّسول (ص) او الامام (ع) كان المراد بذكر الله ذكر الله للعبد او مقام نورانيّتهما فانّه ذكر الله حقيقةً { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } فيعلم صلٰوتكم وذكركم لله ويجازيكم على حسبهما على انّهما ينبّهانكم على تذكّر الآيات والجملة حاليّة.