الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

{ وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } من الاصنام والكواكب والاهوية، او لا تدع مع علىٍّ (ع) فى ولايته وليّاً آخر وهذه تأكيد لقوله: { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } تعليل للنّهيين السّابقين { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ } تعليل لقوله تعالى: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } { إِلاَّ وَجْهَهُ } اى الاّ وجه الله او وجه ذلك الشّيء وان كان رجوع الضّمير الى الله جاز ان يكون المراد وجه الله الّذى به يتوجّه الى الاشياء وان يكون وجه الشّيء الّذى به يتوجّه الى الله يعنى كلّ شيءٍ هالك الاّ وجه ذلك الشّيء الّذى به يتوجّه الى الله فيكون الاضافة لادنى ملابسةٍ.

اعلم، انّ الوجه اسم لما يتوجّه به ولا اختصاص له بوجه بدن الانسان وانّ فى كلّ شيءٍ لطيفةً غيبيّة الهيّةً هى مقوّمة لذلك الشّيء، ومبقية ومشخّصة له، وهى فاعليّته تعالى وقضاءه وعلمه، وتلك اللّطيفة هى تحفظه وتربّيه وتبلّغه الى كماله الخاصّ به ان لم يعقه عائق، والى تلك اللّطيفة اشار من قال بالفارسيّة:
يكى ميل است با هرذّره رقّاص   كشاند ذرّه را تا مقصد خاص
داوند كَلخنى را تا بكلخن   رساند كَلشنى را تا بكلشن
واليها اشار الآخر بقوله:
كَرزجاهى عكس ما هى وانمود   سر بجه دركرد وآنرا مى ستود
در حقيقت مادح ماه است او   كرجه جهل او بعكسش كردرو
مدح او مه راست نى آن عكس را   كفر شدآن جون غلط شد ماجرا
وهذه اللّطيفة هى الّتى بها يتوجّه الاشياء الى غاياتها وكمالاتها الخاصّة بها، وبها يتوجّه الانسان الى الآخرة والى الله تعالى والى خلفائه (ع)، وبها يتوجّه الله الى الاشياء والى الانسان فتلك اللّطيفة بوجهٍ وجه الاشياء وبوجهٍ وجه الله، ولمّا كانت تلك اللّطيفة هى المسمّاة بالولاية التّكوينيّة المعبّر عنها بالحبل من الله وهى ما بها توجّه الاشياء تكويناً، وللانسان توجّه آخر تكليفىٌّ وذلك التّوجّه التّكليفىّ لا يكون الاّ بالولاية التّكليفيّة المعبّر عنها بالحبل من النّاس لانّها لا تحصل الاّ بتوسّط المظاهر البشريّة بالبيعة الخاصّة الولويّة وبها يدخل الايمان فى القلب ويحصل نسبة الابوّة والبنوّة بين المظاهر وبايعيهم صحّ تفسير الوجه فى الآية بالدّين اى الولاية التّكليفيّة او الحاصل بالولاية التّكليفيّة وبالانبياء والاولياء (ع) وبكلّ مطيعٍ لله ولرسوله (ص)، وقد فسّر وجه الله فى اخبارٍ كثيرةٍ بالانبياء والائمّة (ع) وبدين الله وبمن اطاع الله ورسوله (ص)، اذا عرفت هذا فاعلم انّ الحدود والتّعيّنات اعتباريّات محضة لا وجود لها حقيقةً وانّما الوجود والبقاء لتلك اللّطيفة، ولذلك قيل: الاعيان الثّابتة ما شمّت رائحة الوجود ابداً وانّما هى باقية على ما هى عليه من انّها ليست موجودةً من ذواتها وانّما الوجود لتلك اللّطيفة بالذّات ولها بالعرض فهى اى الاشياء المتكثّرة الممتازة الّتى هى عين تلك الحدود هالكة اى غير موجودةٍ من الابد الى الازل وتلك اللّطيفة موجودة من الابد الى الازل فالباقى من كلّ شيءٍ هو تلك اللّطيفة، والهالك كلّ ما سواها من الحدود والاعتبارات { لَهُ ٱلْحُكْمُ } لا لغيره لانّ غيره هالك { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } لا الى غيره والضّميران المجروران صحّ رجوعهما الى الوجه والى الله لانّ تلك اللّطيفة هى المحاكمة فى الاشياء وعلى الاشياء واليها يرجع وجود كلّ شيءٍ بعد ملاحظة فناء جميع حدوده.