الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } اى عيّن عليك او فرض او سنّ عليك العمل بما فيه من اعماله واخلاقه { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } اى الى مكّة فانّ المعاد هو المحلّ الّذى كنت فيه ثمّ خرجت منه واردت العود اليه.

اعلم، انّ القرآن اسم لمقام الجمع ولمّا كان كتاب محمّد (ص) مصدره مقام الجمع الّذى هو مقام المشيّة الّتى هو مقام الجمع المطلق والبرزخ بين الوجوب والامكان ومجمع بحرى الوجوب والامكان سمّاه الله تعالى بالقرآن، وفرض القرآن على محمّدٍ (ص) عبارة عن ايصاله الى ذلك المقام الّذى لم يصل اليه احد من الانبياء (ع)، ولمّا كان محمّد (ص) مبدء نزوله هذا المقام يصدق على هذا المقام انّه معاد محمّد (ص)، ولمّا كان محمّد (ص) محيطاً بالكلّ وله مقام فى الدّنيا ومقام فى نفوس العباد فاذا خرج من الدّنيا صحّ ان يقال اذا عاد اليها: انّها معاده، وكذا نفوس العباد فصحّ التّفسير بانّ الّذى فرض عليك العمل بالقرآن لرادّك الى مكّة، وصحّ التّفسير بانّ الّذى عيّن واثبت عليك مقام الجمع لرادّك الى ذلك المقام او الى الدّنيا او الى نفوس العباد حين احتضارهم او حين حسابهم كما اشير اليها فى الاخبار والاقوال، وعن السّجّاد (ع) انّه قال: يرجع ا ليكم نبيّكم (ص) وامير المؤمنين (ع) { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } ما يهدى به الى الجنّة ونعيمها او الى الله وقربه من الاعمال الحسنة او من جاء بوصف الاهتداء الى الدّين وهذا جوابٌ لادّعاءٍ كان مذكوراً فانّهم كثيراً كانوا ينسبون محمّداً (ص) الى الضّلال او جوابٌ لسؤالٍ ناشٍ من قوله: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } (الآية) كأنّه قيل: من الّذى يجيء بالحسنة؟ ومن الّذى يجيء بالسّيّئة؟- { وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وخالف بين الفقرتين لايهام انّ الضالّ واقف فى جهنّام نفسه، والمهتدى مهاجر من دار شركه الى ربّه.