الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ }

{ أَلاَّ يَسْجُدُواْ } قرئ بتخفيف الّلام من الاعلى انّه كان يا قوم اسجدوا فحذف المنادى وحينئذٍ يكون من كلام الهدهد بتقدير القول جواباً لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: ما قلت لهم؟- فقال: قلت لهم: يا قوم اسجدوا او من كلام سليمان (ع) خطاباً لقومه بعدما ذكر الهدهد اهل سبا وسجدتهم للشّمس او من الله خطاباً لقوم سليمان (ع)، وقرئ بتشديد الّلام وحينئذٍ يجوز ان يكون ان تفسيريّةً ولا يسجدوا نهياً وتفسيراً لقوله تعالى: صدّهم فانّ الصّدّ القولىّ فى معنى القول كأنّه قيل: صدّهم بقولٍ اى لا يسجدوا، وان يكون ان ناصبة بدلاً من اعمالهم او بتقدير الّلام او الباء متعلّقاً بيسجدون او زيّن او صدّهم او لا يهتدون، او لفظة لا زائدة وهو بتقدير الى متعلّق بيهتدون، او بدون التّقدير بدل من السّبيل والمعنى فصدّهم عن السّبيل عن السّجدة { للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ } الخبأ بالفتح والسّكون مصدر فى معنى ما يخفى او مشترك بين المصدر والوصف بمعنى المفعول كالخبيئ { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.

اعلم، انّ السّماوات تطلق على الكرات العلويّة المحيطة بالارض المشهودة بحركات كواكبها، وعلى نفس الكواكب وعلى المجرّدات عن المادّة من عالم المثال الى عالم المشيّة، والارض تطلق على الارض المحسوسة الواقعة فى حيّز المركز، وعلى جملة المادّيّات من البسائط والمواليد علويّةً كانت ام سفليّةً، وعلى مراتب الموادّ من الهيولى الاولى الى البشريّة الّتى تعدّ سبعاً ويعبّر عنها بالاراضى السّبع وعلى معنى يشمل المثاليّات العلويّة والسّفليّة وجملة الاستعدادات القريبة والبعيدة الّتى كانت للموادّ، والمواليد فى الحقيقة وجودات ضعيفة للمستعدذ لها فهى المستعدّ لها المستوردة فى الموادّ والمواليد لعدم بروزها بعدُ بحدودها ووجوداتها القويّة وجميع الفعليّات الفائضة من العلويّات والجهات الفاعلة على المادّيّات والجهات القابلة موجودة بنحو الاجمال والبساطة فى الجهات الفاعلة لكنّها مختفية بنحو التّفصيل والتّميز ومن حيث وجوداتها الخاصّة فى الجهات الفاعلة فلا اختصاص للمخبوءات بالحبوب والعروق المختفية تحت الارض ولا بالكواكب المختفية فى السّماء وقد اشير بالفارسيّة الى ما اشرنا بقوله:
ايكه خاك شوره را تو نان كنى   وايكه نان مرده را توجان كنى
عقل وحس را روزى وايمان دهى   ايكه خاك تيره را توجان دهى
ميكنى جزو زمين را آسمان   ميفزائى در زمين از اختران
{ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ } من الافعال والاحوال والاقوال والنّيّات والعزمات والخيالات والخطرات والمكمونات الّتى لا شعور لكم بها { وَمَا تُعْلِنُونَ } كذلك، وقرئ الفعلان بالغيبة يعنى الاّ يسجد والله الّذى يستحقّ العبادة لكمال دقّته ولطفه فى العمل بحيث يخرج جميع مكمونات الارواح والاجساد فيخرج جميع مكمونات وجودكم ويجازيكم عليها ولكمال دقّته ولطفه فى العلم بحيث يعلم جميع ما تخفونه علمتموها او لم تعلموها وجميع ما تعلمونه فيجازيكم عليها.