{ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ } اخوّة المعاشرة لا اخوّة القبيلة او الدّين { لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ } لستم واقفين على هذا القدر من الظّلم لانّكم { قَوْمٌ عَادُونَ } فى جملة اموركم، والعادون من عدى بمعنى ظلم او سرق او صرف او وثب او جاوز او من العدوّ ضدّ الصّديق، او من عِدىَ كعلم بمعنى أبغض. اعلم، انّ التّكاليف الاختياريّة النّبويّة او الولويّة مطابقة للتّكاليف التّكوينيّة الآلهيّة، والله تعالى كلّف جنس الحيوان فى اكثر انواعه بالاجتماع بان ركّب الشّهوة فيها وجعل فيها ذكراً وانثى وجعل نفوسهما بحيث لا يصبر كلّ عن الآخر باقتضاء شهوة الوقاع الّتى جعلها فيه، ولم يكن المقصود من خلق الشّهوة الاّ بقاء النّوع فانّه لو لم يكن شهوة لم يكن وقاع بين سائر انواع الحيوان، وامّا الانسان وان كان يمكن الوقاع بمحض التّكليف الاختياريّ النّبوىّ لكن قلّما يقع ذلك فانّ اكثر النّفوس لا تعتدّ بالاوامر التّكليفيّة ولو لم يكن الاوامر التّكوينيّة لم يكونوا يواقعون بمحض الامر التّكليفىّ وفى ذلك فناء النّوع او تقليله، ولقصد التّناسل جعل تعالى آلة قضاء الشّهوة فى الذّكر والانثى بحيث يستقرّ مادّة الانسان الّتى هى النّطفة فى مقرّ مخصوص وجعل الذّكر والانثى بحيث كانا عاشقين للولد ومربّيين له كالجزء منهما، وغير الانسان من الحيوان لمّا لم يكن له الشّيطنة لا يرغب فى ثقب ليس له ان يطأ فيه فلا يخالف الامر التّكوينىّ وليس له امر تكليفىّ، وامّا الانسان فيتدبّر بالقوّة المتخيّلة ووسوسة الشّيطان ويتصرّف فى امر قضاء الشّهوة وقد يخالف بتدبيره وشيطنته الامر التّكوينىّ والامر التّكليفىّ، وما لم يخذله الله يعاقبه فى الدّنيا ويؤاخذه على مخالقة الامر التّكوينىّ وجعل له عقوبة وحدّاً على مخالفة الامر التّكليفىّ، ولمّا كان فى الخروج عن الامر التّكليفىّ فى هذا المورد افساد كلّىّ فى الارض بقطع النّسل وجعل المرء على طبيعة المرأة وجعل النّفس خارجاً من الحياء وأخسّ من نفس الحيوان فى القوّة الحيوانيّة جعل الله عقوبة من أتى الذّكران أشدّ من جميع العقوبات.