الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }

{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ } فى مقام التّقليد { أَوْ يَعْقِلُونَ } فى مقام التّحقيق فانّ السّماع اوّل مقام العلم الّذى هو مقام التّقليد، والتّعقّل آخر مقامه الّذى هو مقام التّحقيق واليهما اشار تعالى بقوله تعالى:إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق:37] { إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ } فى عدم التّدبرّ وعدم تذكّر المقصود من التّخاطب وفى كونهم محكومين بحكم شهوتهم وغضبهم من دون رادعٍ يردعهم من أنفسهم { بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } لانّ الانعام مفطورة على اتّباع الشّهوات والغضبات وليست ضالّة عن طريقها المفطورة عليها، وانّما ضلالها يكون بالنّسبة الى الانسان وطريقه والانسان مفطورٌ على السّلوك الى الله والخروج من جملة الحدود والتّعيّنات واللّحوق بعالم الاطلاق، فاذا انصرف عن هذا السّير واللّحوق ووقف على بعض مراتب البهائم او السّباع او الشّياطين كان ضالاًّ عن طريقه الخاصّة به واضلّ من كلّ ضالٍ، لانّ ضلال كلّ ضالّ سوى الانسان والجانّ يكون بالنّسبة الى طريق الانسانيّة الّتى لا يترقّب منه السّير عليها بخلاف ضلال الانسان فانّه يكون بالنّسبة الى طريقه الّتى يترقّب منه السّير عليها.