الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ وَلْيَسْتَعْفِفِ } الايامى من الرّجال والنّساء { ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } بعدم وجدان الازواج لرجالهم ونسائهم او عدم وجدان ما يحتاجون اليه فى نكاحهم من الصّداق والنّفقة والكسوة والمسكن او بمنع الاولياء من النّكاح وعدم القدرة على مخالفتهم { حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ } من فقر الدّنيا فيجدوا ما يتيسّر لهم النّكاح او من الفقر الى وجدان الازواج فيجدوا لانفسهم ازواجاً او من الفقر الى رفع منع الاولياء او يغنيهم الله من النّكاح بان انسى طبائعهم توليد النّطفة وأطفى حرارة النّطفة الموجودة فلا توذى بدغدغتها ولا بامتلاء الاوعية بها او بان جعل قلوبهم بسبب الاستعفاف معلّقة بالملأ الاعلى ونفوسهم تابعة لها فلا يشتغلون بالطّبيعية ولوازمها وملاذّها فيغنيهم { مِن فَضْلِهِ } عن النّكاح، او المعنى وليستعفف بالتّزويج الايامى من الرّجال والنّساء الّذين لا يجدون نكاحاً ووطياً بان لم يكن لهم ازواج ولم يتزوّجوا مخافة الفقر حتّى يغنيهم الله بالنّكاح الّذى يخافون الفقر بسببه، وعلى هذا يكون الآية الاولى امراً للمؤمنين واولياء الاعزاب بتزويج الايامى، والآية الثّانية امراً للاعزاب انفسهم بالتّزويج كما نسب الى الصّادق (ع) فى هذه الآية انّه قال: يتزوّجون حتّى يغنيهم الله من فضله، وعنه (ع): من ترك التّزويج مخافة العيلة فقد اساء الظّنّ بربّه لقوله سبحانه: { إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } ، ونسب الى النّبىّ (ص) انّه قال: " من احبّ فطرتى فليستنّ بسنّتى، ومن سنّتى النّكاح " ، وقال (ص): " يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج فانّه اغضّ للبصر واحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فانّه له وجاء " ، والوجاء كناية عن قطع الشّهوة فانّه بمعنى رضّ الانثيين الّذى يذهب بشهوة الجماع، ونسب اليه (ص) انّه قال: " من ادرك له ولد وعنده ما يزوّجه فلم يزوّجه فأحدث فالاثم بينهما " ، ونسب اليه (ص) انّه قال: " اربع لعنهم الله من فوق عرشه وامّنت عليه ملائكته الّذى يحصر نفسه فلا يتزوّج ولا يتسرّى لئلاّ يولد له، والرّجل يتشبّه بالنّساء وقد خلقه الله ذكراً، او المرأة تتشبّه بالرّجال وقد خلقها الله انثى، ومضلّل النّاس يقول للمسكين: هلمّ اعطك فاذا جاء يقول ليس معى شيءٌ، ويقول للمكفوف: اتّق الدّابة وليس بين يديه شيءٌ، والرّجل يسأل عن دار القوم فيضلّله " { وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ } مصدر كاتبه من الكتابة فانّه يجعل بين السّيد والعبد او الامة كتاباً مشتملاً على نجوم مال الكتابة واجله وشروط المكاتبة، او اسم بمعنى الصّحيفة المكتوب فيها، او بمعنى القدر، او بمعنى الفرض، او هو مصدر من المجرّد او المزيد فيه من الكتاب بواحدٍ من المعنيين الاخيرين فانّهما يقدّر ان مال الكتابة، او المولى يفرض على نفسه عتق عبده باداء مال الكتابة { مِمَّا مَلَكَتْ } اى من العبيد والاماء الّذين ملكتهم { أَيْمَانُكُمْ } وانّما اتى بلفظ ما دون من للاشعار بانّهم من حيث المملوكيّة فى حكم غير ذوى العقول { فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } أى مالاً او حرفة او قدرة على كسب المال او امانةً حتّى لا يكتسبوا بالحرام مثل السّرقة والسّؤال والزّنا او صلاحاً حتّى لا يفرّوا من مال الكتابة { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ } اى حطّوا من مال الكتابة او ردّوا عليهم ممّا اخذتموه من نجوم مال الكتابة شيئاً ايّها الموالى، او أعطوهم من الزّكٰوة اعانة على اداء مال الكتابة ايّها الموالى او ايّها المؤمنون { وَلاَ تُكْرِهُواْ } ايّها الموالى { فَتَيَاتِكُمْ } اى امائكم الشّابّات { عَلَى ٱلْبِغَآءِ } اى الزّنا { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } بيان للاكراه على البغاء فانّه لا يتحقّق الاّ بارداتهنّ التّحصّن على انّ مفهوم الشّرط لو كان قيداً لم يكن حجّة { لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بكسبهنّ واجرة البغاء { وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ } لهم اذا تابوا او غفور لهنّ ما يلزمهنّ من السّوأة الّلازمة لهذا الفعل ولو كان بالاكراه او من السّوأة الّلازمة لهنّ بعد الاكراه اذا رغبن فى الفعل بمقتضى طبيعتهنّ { رَّحِيمٌ } يرحمهم او يرحمهنّ فضلاً عن المغفرة، وقرئ فانّ الله من بعد اكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيم.