الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } * { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ }

{ لِّيَشْهَدُواْ } اى ليحضروا { مَنَافِعَ لَهُمْ } دينيّة ودنيويّة فانّ الآتى الى مكّة يعمّه الرّحمة الالهيّة الّتى تنزل من الحقّ على الحاجّين والمغفرة والبركات النّازلة ايّام الحجّ وبواسطتها يحصل له البركات الدّنيويّة وينتفع بلحوم الاضاحى، وتنكير المنافع للاشعار بانّ المراد المنافع الحاصلة فى ايّام الحجّ { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } قيل هى العشر الاوّل من ذى الحجّة وهى الايّام المعيّنة لمناسك الحجّ، وقيل: هى ايّام التّشريق يوم النّحر وثلاثة بعده، وقيل: انّ المراد بالذّكر ههنا التّسمية على الاضحيّة، وقيل: المراد بالذّكر الذّبح لانّ صحّة الذّبح بالذّكر فسمّى به، والحقّ انّ المراد مطلق ذكر الله سواء كان بالتّلبية فى الاحرام او بالتّضرّع والدّعاء فى ايّام الحجّ، او بتذّكر القيام عند الله فى القيامة بواسطة مشاهدة حال الاحرام الّذى هو تذكير للقيام عند الله فى المحشر، او بالذّكر عند الذّبح، او بالتّكبيرات عقيب الصّلوات الخمس عشرة اوّلها صلٰوة الظّهر من يوم النّحر، والايّام المعلومات هى ايّام الحجّ من اوّل الاحرام بالحجّ الى آخر ايّام التّشريق لانّ من احرم بالحجّ علم انّه لا يفرغ من مناسكه الاّ بعد ايّام التّشريق فى النّفر الاوّل او فى النّفر الثّانى { عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } وقد مضى فى اوّل سورة المائدة بيان لبهيمة الانعام، وتقييد الذّكر بقوله على ما رزقهم من بهيمة الانعام يشعر اشعاراً ما بانّ المراد الذّكر على الذّبح { فَكُلُواْ مِنْهَا } اباحة او ندب للاكل وليس الامر للوجوب { وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ } المراد منه هو الواقع فى الشّدّة لفقره ولذلك اضاف اليه { ٱلْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } التّفث الشّعث والاغبرار وقضاؤه ازالته بالغسل والحلق وقلم الاظفار والطّيّب، او المراد بالتّفث مناسك الحجّ او الاحلال من الاحرام، او ما يلزم الانسان فى الاحرام من تبعة قول او فعل، وقضاؤه تداركه بما يكفّره، او المراد بالتّفث التّعلّقات النّفسانيّة الباقية على الانسان فى الاحرام وقضاؤه بلقاء الامام (ع) فانّ من لقى امامه بملكه او ملكوته ينسلخ من تعلّقاته، وفى الاخبار اشارة ما الى كلٍّ { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } الّتى نذروها فى ايّام الحجّ او قبل الحجّ للحجّ، او قبل الحجّ مطلقاً، او المراد بالنّذور الكفّارات الّتى تلزم مرتكبى المنهيّات فى ايّام الحجّ او المراد مطلق الكفّارات، او المراد المناسك فانّها كالنّذور تلزم الانسان بعد الشّروع بوجهٍ { وَلْيَطَّوَّفُواْ } اى ليبالغوا فى طواف البيت او ليكثروا الطّواف بالبيت بعد ما تطهّروا بحسب الظّاهر من الشّعث الّلازم للاحرام وحلقوا وازالوا الوسخ الظّاهر والوسخ الباطن من الكفّارات والتّعلّقات بلقاء الامام بملكه وبلقائه بملكوته فانّ لقاء الامام بملكوته وهو المعرفة بالنّورانيّة باب الوصول الى القلب الّذى هو بيت الله فليطّوّفوا { بِٱلْبَيْتِ } الظّاهر والباطن ولا يدخلوا الاّ بعد الطّواف به الطّواف الواجب { ٱلْعَتِيقِ } القديم فانّه اوّل بيتٍ وضع للنّاس بظاهره كما فى الاخبار انّه نزل من الجنّة لآدم (ع)، وبباطنه فانّ القلب الصّنوبرىّ فى ملك البدن العنصرىّ اوّ بيتٍ وضع للنّاس فى العالم الصّغير، والقلب الرّوحانىّ كذلك، او العتيق من الغرق والعتيق من الكثرات وتعلّقاتها، او العتيق من تسلّط الجبابرة عليه فى الصّغير والكبير.