الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ }

{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } كان حقّ العبارة ان يقول والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات قطّعت لهم ثياب من النّعيم اولهم جنّات (الى آخرها) لكنّه عدل الى هذه العبارة تشريفاً للمؤمنين بجعلهم ارفع شأناً من ان يجعلوا قريناً للكافرين، وافادةً لهذا المعنى مع تشريفهم بنسبة معاشرة الجزاء الى الله، واشعاراً بانّ جزاء الكافرين من لوازم اعمالهم وجزاء المؤمنين بمحض التّفضّل من الله، ولم يقتصر على الايمان كما اقتصر فى جانب الكفّار على الكفر لانّ الكفر كان فى العقوبة بخلاف الاسلام فانّه ان لم يقترن بالعمل الصّالح الّذى هو الولاية او من جملته الولاية لم يكف فى الجزاء بل كان صاحبه مثل المرجين لامر الله غير محكومٍ عليه بشيءٍ الى وقت الموت بخلاف من تولّى عليّاً فانّهم محكوم عليهم بأنّهم يدخلهم الله { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } قد مضى مكرّراً انّ المراد من تحت عماراتها او اشجارها او قطعها او المراد بالانهار المعنويّة تجرى من كلّ مرتبة على ما دونها من مراتب الجنان الى عالم الطّبع { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } قرئ بالنّصب وبالجرّ { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } يعنى ارشدهم الله الى الاقوال الّتى يطيب بها نفوسهم من الاذكار والتّحيّات والافكار والتّخيّلات وهو مثل جملة لباسهم فيها حرير عطف على تجرى، او يحلّون ان لم يكن جملة يحلّون صفةً بعد صفة، او هما مع جملة يحلّون احوال مترادفة او متداخلة، واذا كان معناه يهدون فيها الى الطّيّب من القول فالاتيان بالماضى لتحقّق وقوعه، وان كان معناه هدوا فى الدّنيا فهو على معناه { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ } الله { ٱلْحَمِيدِ } اتى بعنوان الحميد للاشارة الى انّ المؤمن العامل بالصّالحات لاستكماله فى اوصافه الحميدة وجنوده الكثيرة يهدى الى الله من حيث محموديّته بخلاف المجذوب الغير العامل فانّه يهدى اليه من حيث سبّوحيّته وقدّوسيّته ولذلك قال تعالى خطاباً لنبيّه (ص)قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي } [آل عمران:31] يعنى فاستنّوا بسنّتى واعملوا بعملى تصيروا مثل الله متّصفين بالصّفات الحميدة ويحببكم الله حينئذٍ لاتّصافكم بصفاته وكان المشايخ الحقّة من السّلف والخلف يأمرون السّلاّك بحفظ النّواميس الشّرعيّة والعمل بجميع الفرائض والسّنن الواردة فى الشّريعة فلا يصغى الى ما قالته المتصوّفة من القلندريّة الاباحيّة انّ الشّريعة حجاب، وانّ العارف لا حاجة له الى العمل، وانّ الواصل اذا عمل كان العمل منه قبيحاً.