الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }

{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } قد سبق فى سورة البقرة عند قوله تعالىوَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } [البقرة:35] تحقيق الشّجرة المنهيّة وكيفيّة اغترارهما بقول ابليس { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } اى يلتصقان على بدنهما من ورق اشجار الجنّة { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ } خالف امر ربّه امره التّكوينىّ او امره التّكليفىّ الّذى كان اولى له { فَغَوَىٰ } فضلّ الطّريق الّذى كان بالفطرة عليه.

اعلم، انّ نسبة العصيان الى آدم (ع) مع انّه كان نبيّاً معصوماً عن الخطاء انّما كانت بملاحظة انحرافه عن فطرة التّوحيد الّتى كانت الاشياء كلّها مفطورة عليها، وهذا ليس معصيةً منافيةً للعصمة لانّه كان بأمره تعالى ورضاه او كانت بملاحظة تركه دار التّوحيد وتوجّهه الى الكثرات وقد امره الله تعالى بالبقاء على التّوحيد وعدم الالتفات الى الكثرات لكونه اولى به من الالتفات الى الكثرات وان كان الاولى بنظام العالم وايجاد بنى آدم توجّهه الى الكثرات، وتسميته عصياناً لمخالفته الامر الاولوىّ الّذى كان اولى بالنّسبة الى حاله، وهذا ايضاً لا ينافى عصمته، وفى خبرٍ: انّ نهيه كان فى الجنّة لا فى الدّنيا وقبل كونه حجّة لا بعده والمنافى لعصمته هو عصيانه فى الدّنيا وبعد كونه حجّةً، وفى خبرٍ: انّ المنافى للعصمة هو الكبيرة او الصّغيرة بعد كونه حجّة لا الصّغيرة قبل كونه حجّة، وفى خبرٍ: انّ الله نهى عن قرب شجرة بعينها ووسوس الشّيطان اليه فى شجرة اُخرى من جنسها، وعصيانها كان بغروره بقول الشّيطان.