الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً }

{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ } الّذى يدعوهم الى الجنّة والجحيم بخلاف يوم الدّنيا فانّه لا يتّبع اكثرهم فيه الدّاعى ومن يتّبع منهم للدّاعى لا يكون اتّباعه او وجوده او الدّاعى فى نظره الاّ معوجّاً { لاَ عِوَجَ لَهُ } الجملة حاليّة او مستأنفة، وعلى تقدير الحاليّة فهو حال من الدّاعى او من فاعل يتّبعون، والضّمير المجرور امّا للاتّباع او للدّاعى ولا بدّ من تقدير العائد اذا كان حالاً من فاعل يتّبعون او من الدّاعى، وكان ضمير المجرور للاتّباع، فانّ الدّاعى يومئذٍ لا يكون فيه عوج لا فى نفس الامر ولا فى انظارهم، واتّباعهم يكون غير معوجّ والمدعوّون ايضاً لا عوجاج فيهم فانّهم كالاراضى يكونون مستوين برفع جبال الانانيّات عنهم وارتفاع النّفاق عن وجودهم، فانّه كما يندكّ جبال الارض الطّبيعيّة يومئذٍ يرتفع جبال الانانيّات والتّقيّدات عن العالم الصّغير { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ } قد مضى تحقيق معنى الخشوع والفرق بينه وبين الخضوع والتّواضع وانّ الكلّ متقارب المفهوم وانّ الخشوع حالة حاصلة من امتزاج المحبّة وادراك الهيبة بالنّسبة الى من يتخشّع له لكنّ المحبّة واللّذة فى الخشية غالبة وفى الخضوع غير غالبةٍ، وفى التّواضع العظمة والهيبة غالبة، وقد ينسب الخشوع الى الصّوت لظهوره به وقد ينسب الى البدن لذلك والجملة عطف على قوله لا عوج له او على يتّبعون الدّاعى والتّفاوت بالاسميّة والفعليّة، او بالاستقبال والمضىّ للاشعار بانّ الاصوات كانت خاشعة للرّحمن فى الدّنيا كما صارت خاشعة فى ذلك اليوم لكن ما كان خشوعها ظاهراً فى الدّنيا وفى ذلك اليوم ظهر خشوعها، او الجملة حال بتقدير قد { لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } الهمس الصّوت الخفىّ وكلّ خفىٍّ او اخفى ما يكون من صوت القدم.