الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } قد مضى بيانٌ للايمان والعمل الصّالح { أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } اذكروا يا بنى اسرائيل او يا امّة محمّد (ص) او الخطاب عامّ لمن يتأتّى منه الخطاب او ذكّر يا محمّد (ص) بنى اسرائيل او أمّتك او مطلق الخلق { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } على أيدى أنبيائهم فى ضمن البيعة العامّة او الخاصّة، وقد سبق انّه كلّما ذكر عهد وعقد وميثاق فالمراد هو الّذى يكون فى ضمن البيعة { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } امثال هذه العبارة تستعمل على ثلاثة أوجهٍ بعد ذكر أخذ الميثاق؛ الاوّل - ان تكون على صورة الاخبار ايجاباً او نفياً. والثّانى - ان تكون على صورة الانشاء امراً او نهياً. والثّالث - ان يكون الفعل عقيب لفظ ان وقد قرء هاهنا بالوجوه الثّلاثة فان كان على صورة الاخبار فامّا ان يكون بمعنى الانشاء بتقدير القول اى أخذنا ميثاق بنى اسرائيل قائلين: { لا تعبدوا } ، ويؤيّد هذا الوجه عطف قولوا، واقيموا، وآتوا؛ عليه، وامّا بمعنى الاخبار بتقدير ان المصدريّة والمعنى أخذنا ميثاقهم على ان لا يعبدوا، او لان لا يعبدوا؛ او يكون بدلاً من الميثاق ولا اشكال على قراءة لا يعبدون بالياء، وامّا على قراءة لا تعبدون بالتّاء فهو على حكاية الحكاية الماضية من غير تغييرٍ او هو بمعنى الاخبار على الحاليّة والمعنى أخذنا ميثاقهم حال كونهم لا يعبدون او حال كوننا قائلين لهم { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } { وَ } تحسنون { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }.

تحقيق الوالدين والنّسبة الروحانيّة

اعلم انّ الانسان ذو مراتب كثيرةٍ وكلّ مرتبة منه ذات اجزاءٍ كثيرةٍ طوليّة وعرضيّةٍ، ولكلّ مرتبة منه سبب ومعدّ لوجودها غير السّبب والمعدّ لوجود الاخرى؛ فالمعدّ لوجود مرتبته الجسمانيّة هو والداه الجسمانيّان وكلّ من انتسب اليهما بتلك النّسبة كان مناسباً له ومناسبته تسمّى بالاخوّة، والسّبب لوجود مرتبة صدره المنشرح بالكفر هو الشّيطان او من يناسب الانسان من جنود الشّيطان الّذين هم اهل عالم الظّلمة والمنسوبون الى الجانّ ابى الجانّ، ومرتبة نفسه القابلة المستعدّة لتصرّف الشّيطان وبتصرّف الشّيطان وتأثّر نفسه يفاض من الرّحمن قوّة مناسبة لتلك النّفس، والشّيطان وكلّ من يناسبه من هذه الجهة فهو اخ له، وسبب وجود مرتبة صدره المنشرح بالاسلام هو الملك ومرتبة نفسه القابلة المستعدّة لذلك، وبتصرّف الملك وتأثّر نفسه يفاض من الله قوّة مناسبة لتلك النّفس هذا بحسب التّكوين وامّا بحسب التّكليف فأبوا مرتبة صدره المنشرح بالكفر هما اللّذان يبايعان البيعة العامّة معه من غير اذنٍ واجازةٍ لكنّ الانسان فى تلك المرتبة بتلك النّسبة ولد لغاية ومنفىّ النّسبة كما انّه بحسب التّكوين فى مرتبته الجسمانيّة ايضاً كذلك، وأبوا مرتبة صدره المنشرح بالاسلام هما اللّذان يبايعان معه البيعة العامّة بالاذن والاجازة من الله او من خلفائه، وكلّ من يناسبه من جهة تلك النّسبة فهو أخ له، وسبب وجود مرتبة قلبه جبرئيل العقل ومريم النّفس المنشرحة بالاسلام، وبنفخ جبرئيل العقل فى جيب مريم النّفس ينعقد عيسى القلب ويتولّد من ساعته ويتكلّم فى المهد صبيّاً؛ هذا بحسب التّكوين، وأمّا بحسب التّكليف فأبوا مرتبة قلبه هما اللّذان يبايعان معه البيعة الخاصّة الولاية والمناسب للانسان من جهة تلك النسبة أخ له، وهكذا المراتب الاُخَر منه، ونسبة كلّ نسبةٍ الى ما فوقها كنسبة الجسم الى الرّوح واللغة الرّوحانيّة كاللغة الجسمانيّة منفيّة النسبة ومنفيّة الحكم وقد يعتبر النّسبة الفاسدة ويطلق الابوّة عليها بحسب اصل النّسبة لا صحّتها كما اعتبر النّسبة فى قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5