الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ }

{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ } لا تكون مروّضةً مذلّلةً لاثارةً الارض { وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ } ولا تكون مروّضةً تسقى الحرث بالدّلاء { مُسَلَّمَةٌ } من العيوب { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } لا لون فيها غير الصّفرة يخالطها { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ } من أوصاف البقرة وحقيقتها الّتى بها تمتاز عن غيرها وقد عرفناها هى بقرة فلانٍ واشير فى بعض الاخبار انّهم لو ذبحوا أىّ بقرةٍ عمدوا اليها أجزأهم لكنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم. وفى تفسير الامام (ع) فلمّا سمعوا هذه الصّفات قالوا: يا موسى فقد أمرنا ربّنا بذبح بقرةٍ هذه صفتها؟ - قال: بلى ولم يقل موسى فى الابتداء انّ الله قد أمركم لانّه لو قال: انّ الله قد أمركم لكانوا اذ { قالوا ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما هى } وما لونها كان لا يحتاج الى ان يسأله عزّ وجلّ ذلك ولكن كان يجيبهم هو بأن يقول امركم ببقرة فاىّ شيئٍ وقع عليه اسم البقرة فقد خرجتم من أمره اذا ذبحتموها فلمّا استقرّ الامر عليهم طلبوا هذه البقرة فلم يجدوها الاّ عند شابٍّ من بنى اسرائيل أراه الله فى منامه محمّداً (ص) وعليّاً (ع) وطيّبى ذرّيّتهما فقالا انّك كنت لنا محبّاً مفضّلاً ونحن نريد ان نسوق اليك بعض جزائك فى الدّنيا فاذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها الاّ بأمر أمّك فانّ الله يلقّنها ما يغنيك به وعقبك، ففرح الغلام وجاء القوم يطلبون بقرته فقالوا: بكم تبيع بقرتك هذه؟ - قال: بدينارين والخيار لامّى قالوا: رضينا بدينارٍ فسألها، فقالت: بأربعة، فأخبرهم فقالوا، نعطيك دينارين، فأخبر أمّه، فقالت: ثمانية، فما زالوا يطلبون على النّصف ممّا تقول أمّه، ويرجع الى أمّه فتضعف الثّمن حتّى بلغ ثمنها ملأ مسك ثورٍ أكبر ما يكون ملأ دنانير، فأوجبت لهم البيع { فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } لغلاء ثمنها وثقله عليهم لانّ ثمنها بلغ الى ملأ جلدها على بعض ما نقل، او ملأ جلد ثور اكبر ما يكون ديناراً وكان ثقيلاً عليهم فانّه بعد ما قبلوه بلغ مقداره الى خمسة آلاف الف دينار ولجاجهم حملهم على أدائها وافتقر القوم كلّهم واستغنى الشّابّ، ونقل أنّه لم يفتقر أحد من أولاده الى سبعين بطناً. وفى تفسير الامام (ع) انّ أصحاب البقرة ضجّوا الى موسى (ع) وقالوا: افتقرت القبيلة وانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا فأرشدهم موسى (ع) الى التّوسّل بنبيّنا فأوحى الله اليه ليذهب رؤساؤهم الى خربة بنى فلانٍ ويكشفوا عن موضع كذا ويستخرجوا ما هناك فانّه عشرة آلاف ألف دينار ليردّوا على كلّ من دفع فى ثمن هذه البقرة ما دفع لتعود أحوالهم على ما كانت. ثمّ ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل وهو خمسة آلاف ألف دينار على قدر ما دفع كلّ واحد منهم ليتضاعف أموالهم جزاء على توسّلهم بمحمّد (ص) وآله (ع) واعتقادهم لتفضيلهم.