{ فَجَعَلْنَاهَا } اى المسخة او العقوبة الّتى أخزيناهم بها او الامّة الممسوخة كما فى الخبر { نَكَالاً } زجرة وعبرة مانعة عن الاعتداء والمخالفة { لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا } للامم الماضية فانّ الامّة الممسوخة الحاضرة بتوجّههم الى الآخرة ووجود الامم الماضية فى الآخرة وعالم المثال متوجّهون الى الامم الماضية وهم بين أيديهم، وكونها عبرة لهم باعتبار أخبار أنبيائهم عن الامم الآتية واعتدائهم؛ وعلى هذا فقوله تعالى { وَمَا خَلْفَهَا } عبارة عن الامم الحاضرة فى زمان الممسوخة والامم الآتية فانّ الممسوخة بتوجّههم فطرة الى الآخرة مستدبرون عن الدّنيا ومن فيها ومن سيقع فيها وان كانوا متوجّهين الى الدّنيا اختياراً، او المراد بما بين يديها الامم الحاضرة فى زمان المسخ والامم الآتية فانّ الحاضرة حاضرة بين أيديهم والآتية باعتبار مرور الممسوخة اعلى الزّمان واستقبالهم عليها كأنّها حاضرة بين أيديهم فقوله تعالى: وما خلفها؛ عبارة عن الأمم الماضية، او المراد بما بين يديها الحاضرون فى زمان الممسوخة وبما خلفها الآتون؛ او المراد القرى القريبة والبعيدة، او المراد بالنّكال العقوبة الّتى هى معناه حقيقة؛ والمعنى جعلناها عقوبة لمعصيتهم الحاضرة والماضية { وَمَوْعِظَةً } تذكيراً وتنبيهاً على العواقب او عبرة او نصحاً او حثّاً على التّقوى والطّاعات او تخويفاً عن المعاصى والاغترار بالدّنيا { لِّلْمُتَّقِينَ } فانّ غيرهم لا يتنبّهون ولا يتّعظون فلا ينتفعون فلا ينظر اليهم. وتأتي قصّة المعتدين فى السّبت ومضى فى اوّل السّورة تحقيق معنى التّقوى { وَ } اذكروا يا بنى اسرائيل او يا أمّة محمّد (ص) او ذكّر بنى اسرائيل او أمتّك قصّة القتيل واحياءه على يد موسى (ع) حتّى تعلموا انّ ما قاله موسى (ع) حقّ وانّ اخباره بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىٍّ (ع) ليس ممّا لا يكترث به.