الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ } حين كونكم تائهين فى التّيه ليقيكم من ضرّ حرّ الشّمس وبرد القمر { وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ } فسّر المنّ بالتّرنجبين { وَٱلسَّلْوَىٰ } بالعسل وبالطّائر المشوىّ وبالسُّمانىٰ وهو طيرٌ يشبه الحمام أطول ساقاً وعنقاً منه { كُلُواْ } اى قائلين كلوا { مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } والامر فى أمثال المقام أعمّ من الاباحة والوجوب والرّجحان بحسب اعداد الاشخاص واحوال الشّخص الواحد ومقدار الاكل لشخصٍ واحد فى حالٍ واحدةٍ والمراد بما رزقه الله هاهنا ان كان المنّ والسّلوى فاضافة الطّيّبات للتّبيين لا للتّقييد، وان كان المراد مطلق ما رزقه الله العباد فالاضافة للتّقييد اى تقييد المضاف اليه بالمضاف، او نقول: ان كان المراد بالمرزوق المنّ والسّلوى فطيبوبته وعد طيبوبته بذكر اسم الله عليه وعدمه والمعنى كلوا ممّا ذكر اسم الله عليه ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه وحينئذٍ فالاضافة للتّقييد وفى تفسير القمىّ لمّا عبر موسى (ع) بهم البحر نزلوا فى مفازة فقالوا: يا موسى أهلكتنا وأخرجتنا من العمران الى مفازة لا ظلّ فيها ولا شجر ولا ماء فكانت تجيئ بالنّهار غمامة تظلّهم من الشّمس وتنزّل عليهم باللّيل المنّ فيأكلونه وبالعشىّ يجيئ طائر مشوّىٌّ فيقع على موائدهم فاذا أكلوا وشبعوا طار عنهم وكان مع موسى (ع) حجرٌ يضعه فى وسط العسكر ثمّ يضربه بعصاه فينفجر منه اثنتا عشرة عيناً فيذهب الماء الى كلّ سبطٍ وكانوا اثنى عشر سبطاً فلمّا طال عليهم ملوّا وقالوا: يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ { وَمَا ظَلَمُونَا } بكفران النّعمة واستبدال الادنى بالّذى هو خيرٌ اوما ظلمونا بالاعتراض على موسى (ع) وعدم مراعاة تعزيزه وتوقيره وهو تعريضٌ بأمّة محمّد (ص) وكفرانهم النّعمة وعدم تعظيم محمّد (ص) والائمّة (ع). وعن الباقر (ع) انّه قال: انّ الله أعظم وأعزّ وأجلّ وأمنع من ان يظلم ولكنّه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول:إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [المائدة:55] يعنى الائمّة منّا { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } باستبدال الادنى بالّذى هو خيرٌ، او بازالة النّعمة بالكفران، او بظلم الائمّة الّذين هم أنفس الاخلائق وذواتهم حقيقة، او بظلم الائمّة المسبّب او السّبب لاهلاك أنفسهم.