الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ } اشارة الى انّ البعثة كانت عن موتٍ لا عن اغماءٍ، وهذه الآية تدلّ على جواز الرّجعة كما ورد الاخبار بها وصارت كالضّرورىّ فى هذه الامّة وقد احتجّ امير المؤمنين (ع) بها على ابن الكوّاء فى انكاره الرّجعة، وورد انّه سئل الرّضا (ع) كيف يجوز ان يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم انّ الله لا يجوز عليه الرّؤية حتّى يسأله هذا السّؤال؟ - فقال: انّ كليم الله علم أنّ الله منزّه عن ان يرى بالابصار ولكنّه لمّا كلّمه وقرّبه نجيّاً رجع الى قومه فأخبرهم أنّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه فقالوا: لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه كما سمعته؛ وكان القوم سبعمائة الفٍ فاختار منهم سبعين الفاً ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ثمّ اختار منهم سبعمائة ثمّ اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّه؛ فخرج بهم الى طور سيناء فأقامهم فى سفح الجبل وصعد موسى الى الطّور وسأل الله ان يكلّمه ويسمعهم كلامه وكلّمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام لانّ الله أحدثه فى الشّجرة ثمّ جعله منبعثاً منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا: لن نؤمن بأنّ هذا الّذى سمعناه كلام الله حتّى نرى الله جهرةً، فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عليهم صاعقةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم فماتوا، فقال موسى (ع): ما أقول لبنى اسرائيل اذا رجعت اليهم وقالوا انّك ذهبت بهم فقتلتهم؛ لانّك لم تكن صادقاً فيما ادّعيت من مناجاة الله ايّاك؟ فأحياهم وبعثهم فقالوا: انّك لو سألت الله ان يريك تنظر اليه لاجابك فتخبرنا كيف هو ونعرفه حقّ معرفته فقال موسى (ع): يا قوم انّ الله لا يرى بالابصار ولا كيفيّة له وانّما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه فقالوا: لن نؤمن لك حتّى تسأله، فقال موسى (ع): يا ربّ انّك قد سمعت مقالة بنى اسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله اليه يا موسى (ع): سلنى ما سألوك فلم أُأَخِذُك بجهلهم فعند ذلك قال موسى: ربّ أرنى أنظر اليك، قال: لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فان استقرّ مكانه وهو يهوى فسوف ترانى فلمّا تجلّى ربّه للجبل بآية من آياته جعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً فلمّا أفاق قال: سبحانك تبت اليك يقول رجعت الى معرفتى بك عن جهل قومى وأنا اوّل المؤمنين منهم بأنّك لا ترى.

وذكر فى الاخبار أنّ موسى اختار من قومه وهم سبعمائة ألف سبعين رجلاً من خيار القوم بزعمه وقد وقع اختياره على الافسد مع ظنّه أنّهم الاصلحون واذا كان اختيار مثل موسى (ع) رسولاً من اولى العزم واقعاً على الافسد علمنا انّ اختيار الخلق معزول عن تعيين الامام الّذى ينبغى ان يكون أصلح الخلق.

السابقالتالي
2