الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } عدّ نعمة أخرى فانّ توجّه موسى اليهم وتذكيرهم بالتّوبة وتعليمهم طريق التّوبة نعمة عظيمة كما انّ قبولهم لقوله (ع) وتوبتهم بقتل أنفسهم كانت نعمة عظيمة { يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ } الهاً { فَتُوبُوۤاْ } عن ظلمكم وضلالكم بما برأتم { إِلَىٰ بَارِئِكُمْ } التّعليق على الوصف للاشعار بعلّة التّوبة والتّنبيه على غاية الغباوة بالانصراف عن البارى الى المبروء { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } الّتى اقتضت الانصراف عن البارى الى المبروء الّذى هو غاية الحماقة؛ فالمراد بالأنفس الأنفس المقابلة للعقول، او فاقتلوا وأفنوا أنانياّتكم الّتى اقتضت الاستقلال بالآراء الكاسدة، او اقتلوا ذواتكم بقتل بعضكم بعضاً. وما ورد فى الاخبار من أنّهم أمروا ان يقتلوا أنفسهم بالسّيوف وأنّهم كانوا سبعين ألفاً شهروا السّيوف على وجوههم يدلّ على ذلك، مثل ما ورد انّ العابدين كانوا ستّمائة الف الاّ انثى عشر الفاً وهم الّذين لم يعبدوا العجل أمر الله اثنى عشر الفاً لم يعبدوا العجل ان يقتلوا الّذين عبدوا العجل فشهروا سيوفهم وقالوا: نحن أعظم مصيبته من عبدة العجل نقتل آباءنا وقراباتنا بأيدينا فنزل الوحى على موسى (ع) اَنْ قل لهم: توسّلوا بالصّلاة على محمّد (ص) وآله (ع) حتّى يسهل عليكم ذلك فتوسّلوا فسهل عليهم ذلك فلمّا استمرّ القتل فيهم وهم ستّمائة الف الاّ اثنى عشر الفاً واستسلموا لذلك وقف الله الّذين عبدوا العجل على مثل ذلك فتوسّلوا فتاب الله عليهم فرفع القتل. ونقل انّه قتل منهم عشرة آلاف فوقفوا فرفع القتل { ذَلِكُمْ } القتل { خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ } كرّر البارى للتّذذ والتّمكين واحضار الله بالوصف المخصوص تأكيداً لنسبة الغباوة اليهم بالانصراف عن عبادة البارئ الى عبادة المبروء.

اعلم انّ اسم الله وسائر اسمائه تعالى قد تكرّر فى الكتاب كثير تكرارٍ، والوجه العامّ التّمكين فى القلوب وتلذّذ الموحى اليه بسماعه وذكره ويوجد فى خصوص المقامات دواعٍ خاصّة غير ذلك سواء اقتضت الدّواعى اسماء خاصّة مثل اقتضاء مقام التّهديد الاسماء القّهريّة كالاسماء الدّالّة على الغضب والانتقام وسرعة الانتقام ومثل اقتضاء مقام الوعد الاسماء اللّطفيّة اولا.

{ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }.