الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ } * { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ }

ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ } فى الحياة الدّنيا قد يفسّر الرّبّ بالرّبّ المضاف والملاقاة بملاقاة الرّبّ المضاف من حيث ربوبيّته وهى بظهور مثاله على الصدر المعبّر عنه فى اصطلاح الصّوفيّة بالفكر وفى لسان الشّريعة بالسّكينة وهو ظهور صاحب الامر فى العالم الصّغير واوّل مراتب معرفة علىٍّ بالنّورانيّة وحينئذٍ فالظّنّ بمعناه فانّهم لا يتيقّنون ذلك بل يتوقّعونه ويرجونه وقد يفسّر بملاقاة الرّبّ المضاف فى الآخرة فالظّنّ ايضاً بمعناه لانّهم لا يعلمون انّهم يلاقون ربّهم فى الآخرة او يختم لهم بالشّرّ فينكسون فى النّار وقد يفسّر بملاقاة الحساب والجزاء يعنى بالبعث فالظّنّ بمعنى اليقين، ولمّا كانت النّفس علومها غير معلوماتها بل قد يتخلّف المعلومات عنها كثيراً ما يستعمل الظّنّ فيها لمشابهتها بالظّنون فى ذلك بخلاف علوم القلب والرّوح { وَأَنَّهُمْ } بعد لقائه فى الحياة الدّنيا او بعد بعثتهم ولقاء حسابه فى الآخرة { إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } يا بني إسرائيل كرّر النّداء للتّأكيد ولانّ المراد ببنى اسرائيل هناك كما مضى بنو آدم والمراد بهم هاهنا بنو اسرائيل حقيقةً فانّ المراد اظهار الامتنان بالنّعم الّتى أنعمها عليهم خاصّة لكنّ الغرض التّعريض بامّة محمّد (ص) وسائر الخلق { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } ببعثة الانبياء فيكم ودلالتهم لكم الى بعثة محمّد (ص) وخلافة وصيّه، او المراد من النّعمة المضافة جنس النّعمة ويكون قوله: { وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } من قبيل عطف التّفصيل على الاجمال على الوجه الاخير، ونسبة النّعم الى الموجودين مع انّها كانت لاسلافهم المعدومين على طريق مخاطبات العرف فانّهم ينسبون ما وقع من قبيلة الى بعضهم الّذى لم يشاركوهم من جهة المخالفة والموافقة فى الحسب والنّسب، والمراد من العالمين اهل عالمهم الموجودون معهم لا أهل كلّ عالم حتّى يلزم تفضيلهم على أمّة محمّد (ص).