الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

{ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ } تمثيل آخر لمن انفق ثمّ ابطل انفاقه بالمنّ والاذى بعده كما انّ المثال السّابق كان لمن كان ابطاله مع الانفاق فانّه شبّه الانفاق الّذى هو غرس فى جنّة القلب للآخرة بجنّة كذا وصاحبه بصاحب الجنّة فى حال شدّة الاحتياج من اصابة الكبر وكونه معيلاً وعياله ذرّيّة ضعفاء ومنّه واذاه بنار أتت فاحترقت جنّته حال كونها لا يرجو غيرها لكنّه ادّاه بالاستفهام الانكارىّ تجديداً للاسلوب لتنشيط السّامع وتهييجه للاستماع وتأكيداً فى التحذير عن المنّ والاذى { أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } يعنى تكون الجنّة منهما لكن كان فى خلالهما سائر انواع الاشجار، ويجوز ان يراد بالثّمرات مطلق المنافع من الثّمرات والحبوب وغيرها { وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ } حتّى يضعف عن القيام بأمر ذرّيّته ويكون كفاية ذرّيّته من تلك الجنّة { وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ } عجزة عن الاكتساب { فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ } الاعصار الرّيح المثيرة للسّحاب، او الّتى فيها نار، او الّتى تهبّ من الارض كالعمود نحو السّماء مستديرة، او الّتى فيها العصا اى الغبار الشّديد { فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ } اى مثل بيان هذه الامثال للانفاق الخالص ولابطاله { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ } الانفسيّة وغيرها { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } وتنتقلون من ظاهر الامثال الّتى هى الآيات الآفاقيّة الى الممثّل لها الّتى هى الآيات الانفسيّة.