الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }

{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ابتداء كلام منقطع عمّا قبله لابداء توحيده فى معبوديّته او فى مرجعيّته ان اخذ الاله من اله بمعنى عبد او التجأ او فى خالقيّته ان اخذ من لاه يلوه بمعنى خلق ولاثبات بعض صفاته الاُخر الثبوتيّة والسلبيّة والحقيقيّة والاضافيّة، او جواب لسؤالٍ ناشئٍ عن قوله { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } كأنّه قيل اذا لم يكن فاعل سواه فما حاله؟ او قيل: لم لم يكن سواه فاعل؟ وما ورد فى فضل قراءة آية الكرسىّ يشعر بكونه مقطوعاً عمّا قبله وفى فضل آية الكرسىّ وقراءتها دبر الصّلوات الفريضة اخبار كثيرة فعن رسول الله (ص) انّه قال: " اىّ آية فى كتاب الله أعظم؟ - قال الرّاوى: فقلت: الله لا اله الاّ هو الحىّ القيّوم قال: فضرب (ص) فى صدرى ثمّ قال: لهناك العلم؛ والّذى نفس محمّدٍ (ص) بيده انّ لهذه الآية لساناً وشفتين يقدّس الملك عند ساق العرش " وفى المجمع باسناده قال النّبىّ (ص): " من قرأ آية الكرسىّ فى دبر كلّ صلاة مكتوبة كان الّذى يتولّى قبض نفسه ذا الجلال والاكرام، وكان كمن قاتل مع انبيائه حتّى استشهد " ، وعن علىّ (ع) انّه قال: سمعت نبيّكم على اعواد المنبر وهو يقول: " من قرأ آية الكرسىّ فى دبر كلّ صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنّة الاّ الموت، ولا يواظب عليها الاّ صدّيق او عابد، ومن قرأها اذا اخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره " ، وعنه (ع) انّه قال: سمعت رسول الله (ص) " يا علىّ سيّد البشر آدم (ع) الى ان قال: وسيّد الكلام القرآن وسيّد القرآن البقرة، وسيّد البقرة آية الكرسىّ، يا علىّ انّ فيها لخمسين كلمةً وفى كلّ كلمة خمسون بركةً " ، وعن ابى جعفرٍ (ع): من قرأ آية الكرسىّ مرّة صرف الله عنه الف مكروهٍ من مكاره الدّنيا، والف مكروه من مكاره الآخرة؛ أيسر مكروه الدّنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، وعن ابى عبد الله (ع): انّ لكلّ شيءٍ ذروة وذروة القرآن آية الكرسىّ، والسرّ فى ذلك انّ فيها اصول الصّفات الالهيّة وامّهات الاضافات الربوبيّة { ٱلْحَيُّ } خبرٌ بعد خبر او خبر مبتدءٍ محذوف او مبتدءٌ خبره القيّوم، او ما بعد القيّوم او خبر ابتداءٍ، و(لا اله) جملة حاليّة او معترضة مدحيّة كالجمل الدّعائيّة المعترضة، والحياة صفة مستلزمة للادراك والمشيئة والارادة والقدرة والاختيار والفاعليّة الاراديّة فهى مشيرة الى كثير من الصّفات الالهيّة { ٱلْقَيُّومُ } صفة او خبر او خبر بعد خبر وهو من قام المرأة وعليها مأنها وكفى أمورها، وهو من أسمائه الخاصّة به تعالى ومعنى قيّوميّته تعالى للاشياء ايجاده لها وكفايتها فى جميع مالها الحاجة اليه من جميع ما به اضافاته اليها واضافاتها اليه فهى جامعة لجميع صفاته الاضافيّة، ولمّا كان القائم بأمر غيره كثيراً ما يختلّ امره بالغفلة عن أمره وكان عمدة اسباب الغفلة السِّنة والنّوم نفى هذين عنه تعالى فقال { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ } السنة كعدة والوسن محرّكةً والوسنة ثقل النّوم او اوّله او النّعاس والجملة جواب لسؤالٍ مقدّرٍ او خبر او خبر بعد خبر او حال او معترضة مدحيّة { وَلاَ نَوْمٌ } وهو ردّ على اليهود وغيرهم الّذين قالوا: انّ الرّبّ فرغ من الامر واستراح او استلقى على ظهره كما اشير اليه فى الاخبار { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } وهذه كسابقتها فى وجوه الاعراب واللاّم فى مثل المقام يستعمل فى المبدئيّة والمرجعيّة والمالكيّة والمراد منه معنى عامّ للثّلاثة فهو تصريح بما استفيد اجمالاً من القيّوم وكثيراً ما يقال لزيد ما فى الصّندوق ويراد به الصّندوق وما فيه خصوصاً اذا كان ما فى الصّندوق غالياً { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ } تأكيد لقيّوميّته تعالى ولها الوجوه السّابقة مقطوعة ومرتبطة ويجوز تقدير القول بالوجود السّابقة { إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } هذه ايضاً كسوابقها فى الوجوه المذكورة وهو ايضاً تأكيد لما استفيد التزاماً من القيّوم، والمراد بما بين ايديهم طولاً الدّنيا والآخرة، وعرضاً ما يأتى او ما مضى كما مضى الاشارة اليه عند قوله

السابقالتالي
2 3