الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ وَإِن كُنْتُمْ } عطف باعتبار المعنى يعنى ان كنتم فى ريبٍ من الله ووجوب وجوده ومبدئيّته فهذه أوصافه الّتى لا تنكرونها وان كنتم { فِي رَيْبٍ } من الرّسالة { مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا } حتّى تجحدوا رسالته وما قاله هو فى التّوحيد وخلع الانداد { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } السّورة من القرآن طائفةٌ من القرآن محدودة مبدوأة ببسم الله الرّحمن الرّحيم او غير مبدوأة مأخوذة من سور المدينة او من السّور بمعنى الرّتبة او من السؤر بالهمزة بمعنى البقيّة والقطعة من الشئ، وقد مضى فى اوّل الفاتحة تفصيل لبيان السّورة { مِّن مِّثْلِهِ } من مثل محمّد (ص) او من مثل ما نزّلنا وهذا أوفق بالتّحدّى وأبلغ فى ادّعاء اعجاز القرآن لانّه يدلّ على انّه معجز مطلقاً بخلاف الاوّل فانّه يدلّ على اعجازه من مثل محمّد (ص) الّذى لم يقرأ ولم يكتب اصلاً واطبق بسائر الآيات المتحدّى بها وأنسب بقوله { وَٱدْعُواْ } اى للاستعانة او التّصديق { شُهَدَآءَكُم } جمع الشهيد بمعنى الحاضر والمعنى ادعوا من ينبغى ان يحضر للاعانة او بمعنى النّاصر او الامام او بمعنى القائم بالشّهادة المؤدّى لها { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } لفظ دون بمعنى المكان الدّانى من الشيئ وبمعنى تحت نقيض فوق وبمعنى عند ويستعمل من باب الاتّساع فى الرّتبة مثل، زيد دون عمرو، يعنى مرتبته تحت مرتبة عمرو، وبمعنى غير وهو المراد هنا والظّرف مستّقرّ حال من شهدائكم والمعنى ادعوا ناصريكم او من ينبغى ان يحضر ناديكم لاعانتكم او ائمتّكم او من يشهد لكم بالمماثلة لاداء الشّهادة حين الاتيان، او للاعانة حين التّرتيب حال كونهم بعضاً ممّن هو غير الله.

تحقيق معنى من دون الله

وقد ذكر فى بيان من دون الله فى بعض تفاسير العامّة ما لنا الغناء عن ذكره ولما كان اولياء الله من الانبياء واوصيائهم (ع) مظاهر اسماء الله وصفاته بل لا يظهر الله الاّ بهم كما ورد: بكم عرف الله؛ جاز ان يراد بقوله من دون الله من دون اولياء الله خصوصاً على اجراء الآية الشريفة فى منافقى الامّة وقد ذكر انّ المراد من دون اولياء الله { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فى ادّعاء الرّيب، او فى انكار التّوحيد، او انكار تنزيل القرآن من السّماء او فى انكار الرّسالة، وانكار الكتاب المنزل عليه وانّ محمّداً (ص) تقوّله من تلقاء نفسه او تعلّمه من بشرٍ مثله فانّ العامّة اذا ارتابوا فى شئ أنكروه فى الاغلب لانّهم ينكرون ما وراء معلومهم فيجوز ان يراد بقوله { إِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا } معنى قوله ان انكرتم ما نزّلنا على عبدنا.

الاشارة الى وجوه اعجاز القرآن

واعلم انّ آيات التحدّى وانّ القرآن لا يمكن الاتيان للبشر بمثله

السابقالتالي
2