الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

{ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } صيروا عبيداً له بالخروج من رقّية أنفسكم وأهويتها او افعلوا له فعل العبيد لمواليهم بان لا يكون حركاتكم الاّ من امره ونهيه او افعلوا صورة ما جعله الله افعال عبيده من الاعمال المقرّرة فى الشّريعة، والرّب قد يطلق ويراد به ربّ الارباب اى الواجب الوجود بالذّات وهو المعبود على الاطلاق، وقد يطلق ويراد به الرّبّ المضاف وهو علويّة علىّ (ع) فانّه ظهور الرّبّ المطلق وعنوانه وما يخبر به عنه فانّه تعالى شأنه من غير هذا الظّهور والعنوان لا خبر عنه ولا اسم ولا رسم فلا يعبد، وامّا بعد ظهوره بهذا العنوان فهو يدرك ويخبر عنه ويعبد، وهذا العنوان لكونه ظهوراً للرّبّ المطلق ومضافاً الى الخلق يسمّى بالرّبّ المضاف وقد ورد فى بيان قوله تعالى وكان الكافر على ربّه ظهيراً انّ المراد به الرّبّ المضاف وهو علىّ (ع) ولا يبعد ان يراد بالرّبّ هنا الرّبّ المضاف ولا ينافيه التّوصيف بالخالقيّة لانّه واسطة خلق الخلق كما ورد خلق الله الاشياء بالمشيئة والمشيئة بنفسها، وعلويّة علىّ (ع) هى المشيئة، واذا اريد الرّبّ المضاف فالمراد بالعبادة عبادة الطّاعة، وقد يطلق الرّبّ ويراد به ما يسمّونه ربّاً من الله والاصنام والكواكب والسّلاطين { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } التّوصيف لتعليل الامر لا لتقييد الرّبّ او لتقييد الرّبّ على المعنى الثّالث للرّبّ والتعليل جميعاً { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } استئناف بيانىّ لبيان علّة الامر بالعبادة او علّة العبادة او علّة الخلق وفى تفسير الامام (ع) اشارة الى تعدّد الوجوه وورد فى كثيرٍ من الاخبار عنهم للآيات تفاسير مختلفة ونقل عنهم فى بعض الآيات وجوهٌ عديدة وهذا من سعة وجوه القرآن ومن باب صحّة الحمل على الكلّ بحسب المقام المقتضى لكلّ، وما نقل انّ القرآن ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه؛ لا ينافى اختلاف التّفاسير، فانّ المقصود من الحمل على أحسن الوجوه الحمل على ما هو أحسن الوجوه بحسب مقام البيان لا الحمل على أحسن الوجوه مطلقاً.