الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ } جواب سؤال آخر كأنّه قيل، ما حال الممطرين او المنافقين مع البرق، و الخطف الاذهاب بسرعة، او حال مترادفة او متداخلة { كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ } استئناف آخر وجواب سؤال ثالث او حال مترادفة او متداخلة، واضاء متعدّ ولازم وكذلك أظلم وان كان متعدّية فى غاية القلّة والمعنى كلّما اضاء الله او البرق ما حولهم او الطّريق مشوا فى الضّياء او فى ما حولهم او فى الطّريق، واذا أظلم الله ما حولهم او اذا أظلم ما حولهم او الطّريق او المعنى كلّما اضاء ما حولهم او الطّريق، واذا أظلم ما حولهم او الطّريق، ولمّا كان الانسان بالفطرة كادحاً الى الله والى الخيرات فكلّما وجد معيناً من عالم النّور سعى اليه لا محالة، واذا لم يجد المعين من عالم الخيرات قد يقف وقد يسعى بفطرته ولذلك أتى بالشّرطيّة الاولى كليّةً وبالثّانية مهملةً { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } مفعول شاء محذوف بقرينة الجواب ومثله كثيرٌ فى كلامهم لا يذكر المفعول الاّ قليلاً وقد مضى وجه افراد السّمع والمعنى لو شاء الله ان يذهب بسمعهم بالصّاعقة وببصرهم بوميض البرق، او لو شاء الله ان يذهب بسمعهم حتّى لا يسمعوا صوت الرّعد والصّاعقة، او المعنى لو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم حتّى لا يسمعوا كلمات التّهديد والوعيد، ولا يبصروا آيات الله الدّالة على حقّيّته وحقيّة نبيّه على ان يكون الالتفات الى الممثّل له ويكون الضّمائر راجعة الى المنافقين والجملة عطف على الشّرطيّة السّابقة او حال او مستأنفةٌ على تجويز اتيان الواو للاستئناف { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } استئناف لتعليل السّابق والشيء من المفاهيم العامّة الشّاملة للواجب والممكن ولا اختصاص له بالممكن وعلى هذا فعمومه مخصّص بما سوى الواجب تعالى، والقدرة فسّرت بصحّة الفعل والتّرك وهذا للمتكلّمين، ولا يصحّ تفسير قدرة الله به لانّه يلزم منه ان يكون نسبة الافعال اليه تعالى بالامكان والحال انّ واجب الوجود بالذّات واجب من جميع الجهات كما حقّق فى محلّه، وفسّرت بكون الفاعل فى ذاته ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل؛ وهذا يعمّ قدرة الواجب والممكن لعدم اقتضاء الشّرطية امكان وضع المقدّم بل تصحّ مع ضرورة وضع المقدّم وامكانه، ولمّا انساق ذكر الكتاب الى فرق النّاس من المتّقين وما هم عليه وما هو لهم، ومن الكفّار وما هم عليه وما هو عليهم، ومن المنافقين وما هم عليه وما هو عليهم عقّب ذلك بالامر بالعبادة المستعقبة للتّقوى المستعقبة لما ذكر للمتّقين كأنّه نتيجة له وفرع على ذكر الفرق وما لهم وما عليهم وصدّر الكلام بالنّداء تهييجاً لنشاط السّامع بلذّة المخاطبة اهتماماً بشأن العبادة وعدل عن الغيبة الى الخطاب بطريق الالتفات فى الكلام تجديداً لنشاطه فى العبادة فقال:

{ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ }.