الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ } عطفٌ على السّابق وابداءٌ لحكم آخر حال كونها { بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ } يعنى لا تأكلوا الأموال الّتى جعلها الله بينكم سواءً لا اختصاص بشيءٍ منها بشخص منكم بذاته بل الاختصاص ليس الاّ بالاعتبار وكلّ وجه اعتبره الشّارع للاختصاص فهو حقّ وكلّ وجه لم يعتبره الشّارع فهو باطل ضائع لعدم استناده الى اعتبار معتبر حقّ، فأخذ الاموال وأكلها بوجهٍ لم يعتبره الشّارع منهىّ عنه، اولا تأكلوا الاموال المشتركة بينكم بالوجوه الحقّة بداعٍ باطلٍ وباعثٍ غير حقٍّ بان تبتغوا التصرّف فيها بما لم يأذن به الشّارع ويدخل فى الاموال المشتركة المائدة والقصعة والخبز والمياه والفواكه والمجالس المشتركة والوجه الرّاجح فى التصرّف فيها الايثار والمباح المواساة والمرجوح التّفاضل مع علم الشّريك ورضاه والمنهىّ الخدعة فى التّفاضل وهكذا الحال فى سائر الاموال المشتركة، او لا تأكلوا أموالكم بنيّةٍ باطلة وداعٍ شيطانىٍّ بأن تأكلوا أموال أنفسكم لان تتقوّوا على اضرار النّاس او لمحض تشهّى النّفس او لا تأكلوا أموال أنفسكم متلبّسين بالباطل الّذى هو ولاية غير ولىّ الامر او لا تأكلوها متلبّسين بالغفلة عن التذكّر أيّها المؤمنون، او لا تأكلوها غافلين عن الولاية أيّها المسلمون؛ او لا تأكلوها غافلين عن اتّباع النبوّة ايّها النّاس { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ } عطفٌ على المنهىّ او منصوب بتقدير ان وهذا من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ فانّ الادلاء بمعنى الالقاء ادلى بماله الى فلانٍ دفعه والقاه اليه؛ والمراد لا تلقوا امر الاموال الى الحكّام الالهيّة او الغير الالهيّة لتدلّسوا على الحكّام الالهيّة وتستظهروا بسبب الرّشوة بالحكّام الغير الالهيّة؛ فانّ الاخذ بالتّدليس على الحكّام الالهيّة اشدّ حرمة من السّرقة حيث جعل آلة الدّين شركاً للدّنيا، والاستظهار بالحكّام الغير الالهيّة تحاكم الى الطّاغوت ومن تحاكم اليهم فأخذ بحقٍّ فقد أخذ سحتاً فكيف حال من أخذ بباطلٍ { لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ } الّذى هو التّدليس والرّشوة { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } اى انتم العلماء او تعلمون قبح الباطل والاثم ولا فرق بين كونه قيداً للنّهى او المنهىّ وقد أشير فى الاخبار الى الوجوه الّتى ذكرت فى الآية.