الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ }

{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } استئناف لاظهار حكم آخر غير مرتبطٍ بسابقه ولذا قطعه عن سابقه، وعامل اذا فعل الشّرط كما هو قول المحقّقين فى جميع موارد اذا لا كتب كما قيل؛ لأنّه للماضى واذا للمستقبل، ولا الوصيّة لعدم جواز تقدّم معمول المصدر المعرّف بالّلام وان كان ظرفاً عليه، وجوابه محذوف وهو جملة معترضة بين الفعل ومرفوعه اى { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } فليوص، او جوابه قوله تعالى { إِن تَرَكَ خَيْراً } على القول بعدم لزوم الفاء فى جواب اذا، او جوابه قوله تعالى { ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ } على هذا القول، وعلى هذا فجملة { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } نائب فاعل كتب لانّ فيه معنى القول وجملة ان ترك خيراً معترضة كما كانت معترضة على تقدير حذف جواب اذا؛ والمراد بالخير امّا مطلق المال او المال الكثير كما نسب الى امير المؤمنين (ع) انّه دخل على مولىً له فى مرضه وله سبعمائة درهم او ستّمائة فقال: الا اوصى؟ - قال: لا انّما قال الله تعالى ان ترك خيراً وليس لك كثير مالٍ وروى هذا الخبر وغيره بهذا المضمون عن طريق العامّة أيضاً، والوصيّة نائب فاعل لكتب وتذكير الفعل لكون الوصيّة مؤنّثاً مجازيّاً، ويجوز ان يكون الوصيّة مبتدأً وللوالدين خبره والجملة نائب فاعل كتب { وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ } بوصيّة يعرفها العقل والعرف حسناً فانّ المعروف صار اسماً لما استحسنه العرف يعنى بوصيّةٍ لا يكون فيها حيفٌ واضرار بالوارث مثل ان كان له كثير مالٍ يستغنى وارثه ببعضه ويكون الوالدان والاقربون محتاجين ويوصى لهم بما لا يحوج الوارث { حَقّاً } حقّ حقّاً مفعول مطلق مؤكّد لنفسه ان جعل مؤكّداً لمضمون كتب، ومؤكّد لغيره ان جعل مؤكّداً لمضمون الوصيّة للوالدين { عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } بدل من عليكم او متعلّق بحقّاً وعلى اىّ تقدير فهو تنبيه على انّ المنظور فى تشريع الاحكام اولو الالباب وهم المؤمنون المبائعون بالبيعة الخاصّة وأمّا غيرهم فلا نظر اليهم فى شيءٍ من أحكام البشر ومنافعه وايجاد الاشياء لاجله الاّ تبعاً، وما ورد فى الاخبار من نسخ هذه الآية بآية المواريث يدلّ على أنّه كان المقصود من الكتب الفرض وأنّ المنسوخ هو الوجوب لا الجواز والاّ ففى آية المواريث ذكر من بعد وصيّةٍ وهو يؤكّد ثبوت الوصيّة لا أنّها تنسخها، ونسب الى امير المؤمنين (ع) انّه قال: من لم يوص عند موته لذوى قرابته ممّن لا يرث فقد ختم عمله بمعصيةٍ، ونسب الى الصّادق (ع) انّه شيءٌ جعله الله تعالى لصاحب هذا الامر قيل: هل لذلك حدّ؟ - قال: ادنى ما يكون ثلث الثّلث، وعنه (ع) انّه حقّ جعله الله تعالى فى أموال النّاس لصاحب هذا الامر قيل: لذلك حدّ محدودٌ؟ - قال: نعم، قيل: كم؟ - قال: أدناه السّدس وأكثره الثّلث.