الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } والحصر هاهنا ضافىّ يعنى لا ما حرّمتموه بأهوائكم من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام وغير ذلك ممّا لم يرد به نهى من الله { وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ } وما رفع الصّوت بسببه لغير الله يعنى ما ذكر اسم غير الله عليه وقوله ولاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } [الأنعام: 121] اعمّ ممّا ذكر اسم الله غير الله عليه فالتّخصيص هاهنا بما ذكر اسم غير الله عليه امّا للاهتمام بحرمة هذا القسم لشدّته او لأنّ عدم ذكر اسم الله لا ينفكّ عن ذكر اسم غير الله فانّ النّفس ان لم تكن مؤتمرةً بأمر الله كانت مؤتمرةً بأمر الشّيطان واذا لم تكن متذكّرة بذكر الله كانت متذكّرة بذكر الشّيطان لعدم خلوّها من ائتمار ما وذكرٍ ما، والتّفسير بذبيحة ذكر اسم غير الله عليها بيان لتنزيل الآية، ولا يخفى على من استبصر اجمالاً بطريق التّأويل تعميم ما أهلّ به لكلّ ما يدخل تحت اليد ولكلّ فعلٍ من افعال القوى يعنى لا تأخذوا ولا تأكلوا ولا تنكحوا ولا تفعلوا صغيراً ولا كبيراً ذكر اسم غير الله او لم يذكر اسم الله عليه، وفسّر بما ذكر اسم الله او اسم غير الله لأجل غير الله يعنى ما ذبح لأجل الاصنام او لأجل ما نصبوه للعبادة سوى الاصنام { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } الى شيءٍ من هذه المحرّمات { غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ } من البغية بمعنى الطلب او من البغى بمعنى الفجور والزّنا، او من البغى بمعنى الاستطالة وفسّر فى الخبر بطالب الصّيد لهواً وبطالب اللّذة وبالباغى المستطيل على الامام والعادى المتجاوز عن الحدّ سواء كان التّجاوز عن الحدّ فى الامامة بان يقول بامامة امامٍ باطلٍ او بتشريك امامٍ باطلٍ للامام الحقّ او بالغلوّ فى الامام الحقّ بان يقول فيه ما لم يقله هو فى حقّه او فى سائر الحقوق الالهيّة والخلقيّة، او فى جملة الافعال الصّادرة من المدارك والقوى العمّالة فانّ المفرط ولمفرّط فيها متجاوز عن الحدّ وعاد، وقد فسّر بكلّ منها فى الاخبار { فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ } فى الاكل عن هذه { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } يستر عليكم ما هو نقص وشين لكم { رَّحِيمٌ } يرحمكم بالاذن فى المخمصة ان ترتكبوا ما حرّمه عليكم فى غيرها، عن الصّادق (ع): من اضطرّ الى الميتة والدّم ولحم الخنزير فلم يأكل شيئاً من ذلك حتّى يموت فهو كافرٌ.