الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ }

{ مَثَلُهُمْ } فى قبول نور الاسلام والاستضاءة به { كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } المثل بالتّحريك والمثل بالكسر والاسكان والمثيل كالشّبه والشّبه والشّبيه لفظاً ومعنىً لكن استعمال المثل بالتّحريك فى التشبيه المركّب اكثر ولذا صار اسماً للقول السائر فى العرف العامّ والموصول كالمعرّف بالّلام قد يكون لتعريف الجنس وحينئذٍ يجوز ان يجرى على مفرده حكم الافراد والجمع كما هنا فانّه أفرد بعض الضّمائر الرّاجعة اليه وجمع بعضها وكما فى قوله تعالىوخضتم كالّذى خاضوا } على ان يكون الفاعل عائداً لموصول ولم يأت بالعاطف هنا مع أنّه متفرّع على اشتراء الضّلالة مثل الجملتين السابقتين وجعله مستأنفاً لجواب سؤالٍ مقدّر تجديداً لنشاط السامع بتغيير الاسلوب ويحتمل ان يكون حالاً { فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ } أضائت متعدّ مسند الى ضمير النّار او لازم مسند الى ما باعتبار كونه بمعنى الاماكن والاشياء الّتى حوله، او لازم مسند الى ضمير النّار وما حوله بدل عنه بدل الاشتمال { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ } وحّد النّور وجمع الظلمة للاشارة الى وحدة حقيقة النّور وانّ الوحدة ذاتيّة للنّور ولغيره بعرض النّور، وللاشارة الى كثرة الظّلمة وانّ الكثرة ذاتيّة لها ولغيرها عرضيّة، وسيأتى تحقيق لهذا فى اوّل سورة الانعام ان شاء الله والمراد بالظّلمات فى الممثّل له ظلمات شؤن النّفس المتراكمة فانّ الانسان كلّما ازداد بعداً من نور الاسلام ازداد توغّلاً فى شؤن النّفس المظلمة، وتعريف النّور بالاضافة وتنكير الظّلمات لما سبق من كون النّور ذاتيّاً للانسان والظّلمة عرضيّة { لاَّ يُبْصِرُونَ } حال او صفة بحذف العائد او مستأنف او مفعول ثان لترك اذا جعل بمعنى صيّر، او مفعول بعد مفعولٍ اذا جعل فى ظلمات مفعولاً ثانياً وترك المفعول لترك القصد اليه كان الفعل جعل لازماً او لقصد التّعميم فى المفعول.