الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ }

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ } عطف على جملة الهكم الهٌ واحد، او حال { مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً } قد فسّر الآية الشّريفة فى الاخبار بمنافقى الأمّة والانداد برؤسائهم وعلى هذا فمعنى الآية من النّاس من يتّخذ انداداً لولىّ الامر حال كون الانداد بعضاً من غير الله تعالى فى مظهره او من يتّخذ من غير اذن الله انداداً، او من غير اذن الله انداداً لله فى مظهره { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالبيعة الخاصّة الولاية وقبول الدّعوة الباطنة { أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } فى مظهره الّذى هو علىّ (ع) من غيرهم انّ محبّتهم نفسانيّة عرضيّة لأنّ شأن النّفس العداوة والبغضاء ومحبّة المؤمنين عقلانيّة ذاتيّة { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } انفسهم بمنعها عن حقوقها الّتى هى التّسليم للولاية والقبول والتّأثّر منها واتّباع ولىّ الامر والاستنارة بنوره، ولفظ لو للشّرط وهو الظاهر او للتمنّى { إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } اذ ظرف او اسم خالص مفعول به ليرى وعلى الاوّل فقوله تعالى { أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } مفعول به ليرى او بدل من العذاب على ان يكون مفعول يرى محذوفاً وعلى الثّانى يكون بدلاً من اذ يرون او من العذاب ومعنى كون القوّة جميعاً لله انّ قدرة كلّ ذى قدرة رقيقة من القدرة المطلقة والرّقائق متقوّمة بالمطلق، ونسبتها الى الممكنات اعتباريّة لا حقيقة لها وقرئ { ترى } بالخطاب { ويرون } مبنيّاً للمفعول من ارى و { انّ القوّة } بكسرانّ وكذا قوله تعالى { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ } اذ ظرف لشديد العذاب، او لقوله لله، او ليرون، او بدل من العذاب، او من اذ الاولى؛ والمعنى لو يرى الّذين ظلموا اذ تبرّأ الّذين اتّبعوا المتبوعون، او الاتباع على قرأة المجهول والمعلوم { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } الاتباع او المتبوعين على القراءتين { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } حال بتقدير قد او عطف على { تبرّأ } او على { اتّبعوا } الاوّل او الثّانى { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } جمع السّبب وهو الحبل الّذى يشدّ به الشّيء ويجرّ { والاسباب } استعارة للوصلات الّتى بينهم من القرابات وصور المبايعات الدّينيّة النّاشئة من مقام أنفسهم الشّيطانيّة والتّناسبات الدّنيويّة، ولفظ { بهم } اما صلة تقطّعت على ان يكون الباء للتّعدية والمعنى شتّتهم الاسباب الّتى كانت بينهم وكانت سبباً لاجتماعهم وتؤلّفهم فى الدّنيا فانّها كانت لاغراضٍ فانية وبين نفوس هالكة وكانت مانعة عن الالفة الرّوحانيّة الباقية فصارت اسباباً للفرقة فى الآخرة او لفظ بهم حال عن الاسباب تقدّم عليه والباء للالصاق.