الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

معنى قوله تعالى { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } يجازيهم جزاء استهزائهم او يهينهم او يفعل بهم ما يشابه الاستهزاء، او الاتيان بالاستهزاء من باب صنعة المشاكلة ولم يأت بأداة العطف لعدم المناسبة بينه وبين ما قبله فالجملة امّا مستأنفة جواباً عن سؤالٍ مقدّرٍ او دعاء عليهم ويحتمل ان تكون حالا عن فاعل قالوا ولم يقل: الله مستهزئ بهم، ليكون المقابلة اتمّ لانّ نشاطهم فى الاخبار بالاستهزاء كما يقتضى ان يبالغوا فى تأكيد الحكم يقتضى ان يخبروا انّ الاستهزاء بالمؤمنين صار سجيّة لهم او كالسجيّة فى الثّبات والاستمرار بخلاف اخبار الله بالاستهزاء بهم فانّه ليس فى اخباره نشاط له تعالى وليس استهزاؤه باىّ معنى كان من صفاته الثّابتة له بالذّات فضلاً عن ان يكون الّتى هى عين الذّات بل هو من شعب القهر الثّابت له بالعرض ولا يكون الاّ فى عالم الطبع وما دونه من عالم الارواح الخبيثة، والتجدّد ذاتىٌّ لعالم الطّبع وكلّما فيه فهو متجدّد بتجدّده وفى اخباره تعالى بتجديد الهوان اخبارٌ بتشديد الهوان { وَيَمُدُّهُمْ } من المدد او المدّاى يمدّ قواهم ويقوّيها ويزيد فيها، او يمدّ لهم فى عمرهم وامهالهم وهذا بيانٌ للاستهزاء بهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } ظرف لغو متعلّق بما قبله او بما بعده او مستقرّ حالاً او مستأنفاً بتقدير مبتدأ جواباً لسؤال مقدّر والطّغيان تجاوز الشيئ عن حدّه اىّ شيئ كان وحدّ الانسان انقياده تحت حكم العقل الّذى يبيّنه نبىّ وقته فمن تجاوز عن هذا الحدّ كان طاغياً { يَعْمَهُونَ } يتحيّرون، والعمه هو التحيّر فى الآراء فانّ نسبته الى البصيرة كنسبة العمى الى البصر وهو حال او مستأنف.