الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ }

{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } هذا يدلّ على انّ المراد من الذرّيّة من بعث فيهم محمّد (ص) ولذلك قال (ص) على ما نسب اليه (ص) " انا دعوة أبى ابراهيم " { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } يقرأ عليهم آياتك التّدوينيّة { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } قد مضى بيان للكتاب والحكمة وانّ المراد بالكتاب أحكام الرّسالة والنّبوّة من العقائد الدّينيّة وعلم الاخلاق النّفسيّة وعلم الاعمال البدنيّة، وانّ الحكمة قد تستعمل فى كمال القوّة النّظريّة، وقد تستعمل فى كمال القوّة العمليّة، والمراد بها هاهنا كمال القوّة العمّالة والمعنى يعلّمهم العلوم الّتى ينبغى تعلّمها والاعمال الدّقيقة المتقنة الّتى لا تتعلّم الاّ بكثرة المواظبة والممارسة عليها { وَيُزَكِّيهِمْ } بعد تعليم المسائل وتعليم اتقان العمل لسهولة التّزكية، وهذا يدلُّ على انّ السّالك ينبغى ان يكون تحت ارادة الشّيخ بلغ ما بلغ فى العلم والعمل؛ وهو كذلك فانّ الخلاص من الرّذائل وآفات النّفس والشّيطان لا يكون الاّ بامداد الشّيخ واعانته لانّ الانسان العليل كلّما ازال علّة من نفسه ازداد علّة أخرى فى نفسه، وكلّما ظنّه مقوّياً لصحّته صار سبباً لزيادة مرضه او لحدوثه، وسيأتى عند قوله تعالى { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ } بيان للتزكية ولتقديم التّعليم هاهنا وتأخيره هناك { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ } الّذى لا يمنعك مانع عمّا تريد { ٱلحَكِيمُ } العالم بدقائق المعلومات القادر على دقائق المصنوعات، وكأنّه اقرار بعجزه عن درك مصالح مسؤله وتعليق للسّؤال على اقتضاء حكمة كأنّه قال: { وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً } كذا ان اقتضته حكمتك؛ وهذا غاية الادب فى السّؤال.