الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

{ بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } منشئهما من غير مثالٍ سبق ولا مادّةٍ ولا زمانٍ ولا آلةٍ ولا أسبابٍ، بدع كمنع وأبدع وابتدع خلق من غير مثال وتهيئة اسبابٍ و { وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً } عطف على جملة سبحانه، او له ما فى السّماوات او كلّ له قانتون او بديع السّماوات والمعنى بل هو اذا قضى امراً { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } وليس شأنه شأن النّاقصين فى التّوالد المحتاجين الى زوج وحركات وانفصال مادّة وانقضاء مدّة، ولا شأن النّاقصين فى الافعال المحتاجين الى مثالٍ ومادّةٍ ومدّةٍ وآلاتٍ واسبابٍ فى فعلهم وهذه العبارة كثيرة الورود فى الكتاب والسّنّة ووردت بلفظ الارادة والمشيئة والقضاء والمقصود واحد لانّ كلّ هذه من مقدّمات الفعل فانّه لا يكون شيء الاّ بعلمٍ المشيئة وارادةٍ وقدرٍ وقضاءٍ وامضاءٍ وقد ينحلّ الامضاء الى الاذن والكتاب والاجل وقد يؤدّى بلفظ الامضاء الّذى هو اجمال هذه الثلاثة ولمّا كان العلم الّذى قبل المشيئة من صفات ذاته تعالى وعين ذاته ولم يعدّ الفاعل من مقدّمات الفعل بل المقدّمات هى الّتى تحتاج الفعل اليها حين ايجاد الفاعل له لم يعدّ العلم فى الاخبار من مقدّمات الافعال وليست هذه فى الحقّ الاوّل تعالى كالاناسىّ تحدث بعد ما لم تكن وتفنى بعد ما تحدث فانّ مشيئة تعالى وكذا ارادته وقدره وقضاءه وامضاءه ازليّة ابديّة وانّما الحدوث من قبل الحادثات لانّ هذه بالنّسبة الى الله كالاشعّة بالنّسبة الى الشّمس واذا فرضت الشّمس فى وسط السّماء ثابتة وفرضت الاشعّة ايضاً دائمة بدوامها وكانت السّطوح متدرّجةً فى المقابلة للاشعّة كان الحدوث لاستضاءة السّطوح بالاشعّة لا للاشعّة فانّ الله اذا شاء واراد وقدّر وقضى شيئاً { فَإِنَّمَا يَقُولُ } وقوله اذنه: { كُنْ }؛ وكلمة { كُنْ } منه كتابه فيكون المفعول ويوجد، فقوله تعالى { وَإِذَا قَضَىٰ } اشارة الى القضاء الّذى هو بعد القدر وينتزع الايجاب منه و { يَقُولُ } اشارة الى الاذن الّذى هو جزء من الايجاد الّذى ينحلّ الى الاذن والكتاب والاجل و { كُنْ } اشارة الى الكتاب والاجل، وقوله ليس بنداء يسمع ولا بصوت يقرع.