الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

بيان النّسخ واقسامه

{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ } النّسخ لغة الازالة والتّغيير والابطال واقامة شيءٍ آخر مقام المبطل والمسخ، ونسخ الكتاب وانتسخه واستنسخه كتبه، وشرعاً رفع حكم ثابت فى الشّريعة بعد العمل به سواء كان النّاسخ والمنسوخ من شريعتين أو من شريعةٍ واحدٍ، وسواء كان بالنسبة الى عامّة الخلق او بالنّسبة الى أشخاصٍ مخصوصين، او بالنّسبة الى شخصٍ واحدٍ بحسب أحواله المختلفة؛ والاوّل هو النّسخ الكلّىّ والثّانى والثّالث النّسخ الجزئىّ والنّسخ فى الكتاب هو النّسخ الكلّىّ والنّسخ فى الاخبار الولويّة نسخ جزئىّ بحسب الاشخاص، او بحسب أحوال شخصٍ واحدٍ، والنّسخ فى الاخبار النّبويّة يجوز فيه الامران لانّ الكتاب الالهىّ مشرع كلّ الامّة وأحكامه المنصوصة مشرع للكلّ، ومنسوخه منسوخ عن الكلّ وناسخه ناسخ للكلّ، وما يجرى فيه النّسخ الجزئىّ من الآيات فهو لا يعدّ من النّاسخ والمنسوخ بل يعدّ من المتشابهات، وامّا الاخبار الولويّة فالنّسخ المذكور فيها لا يجوز ان يكون نسخاً بالنّسبة الى كلّ الأمّة والاّ لزم ان يكون الائمّة مؤسّسين للشريعة لا حافظين لشريعة محمّدٍ (ص) والحال أنّهم حافظون للشريعة، والنّسخ الجزئىّ عبارة عن رفع حكمٍ عن شخصٍ كان ذلك الحكم ثابتاً له بأمرٍ شرعىٍّ، او رفع حكمٍ ثابتٍ بالامر الشّرعىّ من الحافظين للشريعة او من الشّارع لشخصٍ او لجمعٍ عن شخص آخر او عن جماعة أخرى.

وفى الاخبار اشاراتٌ وتصريحاتٌ بذلك ونذكر شطراً منها لمزيد الاستبصار؛ فنقول: روى فى الكافى عن سليم بن قيس الهلالى انّه قال، قلت لامير المؤمنين (ع): انّى سمعت من سلمان والمقداد وأبى ذرّ رحمهم الله شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبىّ الله (ص) غير ما فى أيدى النّاس ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت فى أيدى النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن وأحاديث عن نبىّ الله (ص) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل أفترى النّاس يكذبون على رسول الله (ص) متعمّدين؟ ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ - قال: فاقبل علىّ فقال: قد سألت فافهم الجوابٍ؛ انّ فى ايدى النّاس حقّاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعامّاً وخاصّاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً وقد كذب على رسول الله (ص) على عهده حتّى قام خطيباً فقال: " ايّها النّاس قد كثرت علىّ الكذّابة فمن كذب علىّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار " ثمّ كذب عليه من بعده وانّما أتاكم الحديث من أربعةٍ ليس لهم خامس؛ رجل منافق يظهر الايمان متصنّع بالاسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج ان يكذب على رسول الله (ص) متعمّداً فلو علم النّاس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ولكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله (ص) وراءه وسمع منه؛ وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبرهم ووصفهم فقال تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5