الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

{ وَٱتَّبَعُواْ } عطف على نبذ فريق يعنى أعرضوا عن الحقّ واتّبعوا { مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ } تلا يتلو تلواً تبعه تبعاً وتلا عليه يتلو تلاوة قرأه عليه وتلا عليه يتلو كذب عليه.

حكاية ملك سليمان وكونه فى خاتمه ورمز ذلك الى الصادق (ع)

اعلم أنّ اكثر قصص سليمان كان من مرموزات الأوائل وأخذها المتأخّرون بطريق الأسمار وأخذوا منها ظاهرها الّذى لا يليق بشأن الانبياء وورد عن المعصومين (ع) تقرير ما أخذوه أسماراً نظراً الى ما رمزها الاقدمون؛ وامثال هذه ورد عنهم تكذيبها نظراً الى ظاهر ما أخذها العوام، وتصديقها نظراً الى ما رمزوا اليه فقد نسب فى مجمع البحرين انّه قال: جعل الله تعالى ملك سليمان فى خاتمه فكان اذا لبسه حضرته الجنّ والانس والطّير والوحش وأطاعوه، ويبعث الله رياحاً تحمل الكرسىّ بجميع ما عليه من الشّياطين والطّير والانس والدّوابّ والخيل؛ فتمرّ بها فى الهواء الى موضعٍ يريده سليمان وكان يصلّى الغداة بالشّام والظّهر بفارس، وكان اذا دخل الخلاء دفع خاتمه الى بعض من يخدمه فجاء شيطانٌ فخدع خادمه وأخذ منه الخاتم ولبسه فخرّت عليه الشّياطين والجنّ والانس والطّير والوحش فلمّا خاف الشّيطان ان يفطنوا به ألقى الخاتم فى البحر فبعث الله سمكة فالتقمه ثمّ انّ سليمان خرج فى طلب الخاتم فلم يجده فهرب ومرّ على ساحل البحر تائباً الى الله تعالى فمرّ بصيّادٍ يصيد السّمك فقال له: اُعينك على ان تعطينى من السّمك شيئاً فقال: نعم فلمّا اصطاد دفع الى سليمان سمكة فأخذها وشقّ بطنها فوجد الخاتم فى بطنها، فلبسه فخرّت عليه الشّياطين والوحش ورجع الى مكانه فطلب ذلك الشّيطان وجنوده الّذين كانوا معه فقتلهم وحبس بعضهم فى جوف الماء وبعضهم فى جوف الصّخرة؛ فهم محبوسون الى يوم القيامة. ونقل أنّه كان عسكر سليمان مائة فرسخ؛ خمسة وعشرون من الانس، وخمسة وعشرون من الجنّ، وخمس وعشرون من الطّير، وخمسة وعشرون من الوحش. وروى انّه أخرج مع سليمان من بيت المقدّس ستّمائة الف كرسىٍّ عن يمينه وشماله وأمر الطّير فأظلّتهم وأمر الرّيح فحملتهم حتّى وردت بهم مدائن كسرى ثمّ رجع فبات فى فارس فقال بعضهم لبعضٍ: هل رأيتم ملكاً اعظم من هذا او سمعتم؟ - قالوا: لا؛ فنادى ملك من السّماء: تسبيحة فى الله أعظم ممّا رأيتم ونسب الى الباقر (ع) انّه قال: لمّا هلك سليمان (ع) وضع ابليس السّحر ثمّ كتبه فى كتابٍ فطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا لملك سليمان (ع) بن داود (ع) من ذخائر كنوز العلم من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا، ثمّ دفنه تحت السّرير ثمّ استبان لهم فقرأه فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان (ع) الاّ بهذا، وقال المؤمنون: بل هو عبد الله ونبيّه فعلى ما سبق من سلطنة الشّياطين وفرار سليمان كان معنى الآية كما فى تفسير الامام (ع): انّ هؤلاء اليهود الملحدين والنّواصب المشاركين لهم لمّا سمعوا من رسول الله (ص) فضائل علىّ بن ابى طالبٍ (ع) وشاهدوا منه (ص) ومن علىٍّ (ع) المعجزات الّتى أظهرها الله تعالى لهم عليها نبذوا التّوراة والقرآن وأفضى بعض اليهود والنّصاب الى بعضٍ وقالوا: ما محمّد (ص) الاّ طالب الدّنيا بحيلٍ ومخاريق وسحر ونير نجاتٍ تعلّمها وعلّم عليّاً بعضها فهو يريد ان يتملّك علينا فى حياته ويعقد الملك لعلىٍّ (ع) بعده، وليس ما يقول عن الله بشيءٍ انّما هو قوله ليعقد علينا وعلى ضعفاء عباد الله بالسّحر والنّيرنجات الّتى يستعملها، وكان أوفر النّاس حظّاً من هذا السّحر سليمان (ع) بن داود (ع) الّذى ملك بسحره الدّنيا كلّها والجنّ والانس والشّياطين ونحن اذا تعلّمنا بعض ما كان يعلمه سليمان تمكّنا من اظهار مثل ما يظهره محمّد (ص) وعلىّ (ع) وادّعينا لأنفسنا ما يدّعيه محمّد (ص) ويجعله لعلىٍّ (ع) واتّبعوا ما تتلوه الشّياطين اى تتبعه او تكذبه او تقرأه مستولين على مملكة سليمان (ع) او غالبين على سلطنته من السّحر والنّيرنجات الّتى لا يدرك مداركها أحد، او اتّبعوا ما تفترى الشّياطين على سلطنة سليمان (ع) من أنّه بالسّحر الّذى نحن عالمون به، او اتّبعوا ما تقرأه الشّياطين من السّحر والأوراد الّتى بها يقع تمزيج القوى الرّوحانيّة والطّبيعيّة ويظهر به الخوارق الّتى يعجز عن مثلها البشر وتنفثه على مملكة سليمان لادامته لهم، وزعم هؤلاء اليهود والنّواصب والشّياطين انّ سليمان كفر { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } ولا استعمل السّحر كما قال: هؤلاء الكافرون { وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ } حال كونهم { يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } او كفروا لتعليمهم السّحر على ان يكون جواباً لسؤالٍ مقدّر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد