الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً }

{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } الخلف بالسّكون يقال للعقب السّوء وبالتّحريك للحسن، ويستعمل كلٌّ فى كلٍّ { أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ } بتركها او تأخيرها عن مواقيتها كما اشير اليه فى الخبر { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } قيل فى بيان اتّباع الشّهوات كانوا شرّا بين للقهوات، ركّابين للشّهوات، متّبعين للّذّات، تاركين للجماعات، وعن امير المؤمنين (ع) فى بيانه من بنى الشّديد وركب المنظور ولبس المشهور.

اعلم، انّ الصّلٰوة والزّكٰوة كما حقّق فى اوّل الكتاب فى اوّل سورة البقرة عبارة عن اللّبس والخلع، وهما ثابتان للانسان من اوّل استقرار نطفته فى الرّحم الى آخر عمره، لكنّ الخلع واللّبس الى مقام التّكليف والقرب له يكونان بالتّكوين الآلهىّ وعلى الطّريق الانسانىّ وفى مقام التّكليف اذا كانا بالامر الآلهىّ كانا فى الطّريق الانسانىّ، واذا لم يكونا بالامر الآلهىّ لم يكونا فى الطّريق الانسانىّ بل كانا فى الطّريق النّفسانىّ وبمداخلة الشّهوات النّفسانيّة وكلّ فعل او قول او حال له جهة آلهيّة وجهة نفسانيّة بمعنى انّه ان كان بمحض الامر الآلهىّ حصل منه فعليّة آلهيّة ولبس فى الطّريق الانسانيّة وحصل طرح لفعليّةٍ نفسانيّة بواسطة طرح انانيّة من النّفس، والفعليّة الآلهيّة يعنى اللّبس فى الطّريق الانسانيّة هى الصّلٰوة حقيقة وطرح اقتضاء النّفس وانانيّتها هى الزّكٰوة حقيقة، فعلى هذا كان اضاعة الصّلٰوة عبارة عن الغفلة عن الامر الآلهىّ فى الفعل، اىّ فعل كان، واتّباع الشّهوات عبارة عن لحاظ اقتضاء النّفس فى الفعل، اىّ فعلٍ كان، فانّ المصلّى اذا كان صلٰوته صادرة من اقتضاء نفسه سواء كان ذلك الاقتضاء امضاء عادةٍ كما هو حال اكثر النّاس او مراياةً او اعجاباً او جلب نفعٍ فى الدّنيا او دفع ضرٍّ فيها او دخول الجنّة، او عدم دخول النّار، او قربة من الله، او كونه مرضيّاً من الله كان مضيعاً للصّلٰوة، ومتّبعاً للشّهوة؛ وان كان فاعلاً لصورة الصّلٰوة، واذا كان القاضى لشهوته من حلاله ناظراً الى امر ربّه واباحته كان مصليّاً، وان كان قاضياً لشهوته فالمقصود من الصّلٰوة هو جهة الافعال لا صورة الاعمال، وهكذا الحال فى اتّباع الشّهوات، وحديث علىٍّ (ع) فى بيان اتّباع الشّهوات يشعر بذلك { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } فى الآخرة بناءً على تجسّم الاعمال، او جزاء غىٍّ، او المراد بالغىّ الشّرّ والخيبة، او الغىّ وادٍ فى جهنّم.