الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً }

{ أُولَـٰئِكَ } الّذين تقدّم ذكرهم { ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } بالولاية واستتبع الولاية النّبوّة والرّسالة وسائر النّعم بها تصير نعمة فانّ النّعمة حقيقةً هى الولاية وكلّما اتّصل بالولاية سواء كان بسبب البيعة الولويّة او بطلب تلك البيعة كان نعمةً، وما لم يتّصل سواء كان من النّعم الصّوريّة الدّنيويّة او من النّعم الصّدريّة الاخرويّة من الاذواق والوجدانات ومن العلوم والمشاهدات والمعاينات الصّوريّة كان نقمةً الاّ اذا اتّصلت بالولاية فانقلبت نعمةً، فأصل النّعم هو الولاية وفرعها هو هى ايضاً؛ انّ ذكر الخير كنتم بولايتكم اصله وفرعه ومعدنه ومنتهاه، واولئك مبتدء والجملة جواب لسؤالٍ مقدّرٍ وخبره الّذين أنعم الله او هو صفته او مبتدءٌ ثانٍ وقوله تعالى { مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } خبر او حال وقوله تعالى { مِن ذُرِّيَّةِ ءادَمَ } خبر او هو حال او بدل، وقوله تعالى اذا يتلى عليهم (الى آخره) خبر ومن فى قوله تعالى: من النّبيّين بيانيّة او تبعيضيّة، وهكذا من فى قوله من ذرِّيِّة آدم تبعيضيّة او بيانيّة { وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } عطف على من ذرّيّة آدم والمقصود من ذرّيّة من حملنا لكنّه اسقط الذّرّيّة ههنا تشريفاً لهم لانّه يشعر بانّ المحمول مع نوحٍ (ع) لم يكن منظوراً اليه بنفسه فى الحمل بل كان المنظور اليه فى الحمل هو تلك الذّرّيّة فكأنّه لم يكن المحمول محمولاً لانّه لم يكن منظوراً اليه وكان المنظور اليه من الذّرّيّة محمولاً { وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ } وكلّ هذه من قبيل عطف الخاصّ على العامّ لتشريف الخاصّ بالاختصاص بكثرة الانساب الشّريفة فانّ الكلّ كانوا من ذرّيّة آدم (ع) واختصّ عنهم بهذه النّسبة ادريس (ع) وبعد ادريس كان الكلّ من ذرّيّة المحمولين مع نوحٍ وامتاز عنهم بهذه النّسبة ابراهيم (ع) وبعد ابراهيم كان الكلّ من ذرّيّة ابراهيم فانّ اسحاق (ع) واسرائيل وموسى وهارون واسماعيل وزكريّا ويحيى وعيسى (ع) كانوا من ذرّيّة ابراهيم (ع) واسرائيل وامتاز عنهم بالاختصاص بابراهيم (ع) اسحاق واسماعيل (ع) واذا كان المراد بقوله تعالى وهبنا لهم من رحمتنا محمّداً (ص) وكان المراد بقوله لسان صدقٍ عليّاً محمّداً (ص) وعليّاً (ع) كما اشير اليه فى الخبر كانا ايضاً ممتازين بالاختصاص بابراهيم (ع) { وَمِمَّنْ هَدَيْنَا } عطف على من النَّبيِّين او على من ذرِّيَّة آدم ولفظ من للتّبعيض او للتّبيين والتّقدير من ذرّيّة من هدينا واسقاط الذّريّة لما ذكر فى ممّن حملنا او ليست الذّرّيّة مقدّرة { وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ } قرئ بالتّاء وبالياء وهو خبرٌ كما سبق او حال او مستأنف لبيان حالهم وانّهم مع علوّ نسبهم وشرف النّبوّة والرّسالة لهم كمال التّضرّع والالتجاء الى الله، او ممّن هدينا قائم مقام المبتدأ، وذا تتلى خبر عنه يعنى بعض ممّن هدينا واجتبينا اذا تتلى { عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً } لكمال خضوعهم لله وتواضعهم لآياته { وَبُكِيّاً } لكمال خوفهم من الله ولالتجائهم اليه وقرئ بكيّاً بضمّ الباء على الاصل، وبكسرها على الاتّباع.